حققت منظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية في العقد الماضي نقلة نوعية في أدائها وفي قدرتها على المطالبة بإحداث التغيير في قضايا معينة. ولكن هذا التحسن قابله تطور في قدرة السلطات على احتواء أصوات المجتمع المدني وسلب القدرات البشرية الضرورية لاستمرار منظماته عبر تعيين قياداته والناشطين فيه في مراكز وزارية وإدارية ودبلوماسية تثنيهم عن المطالبة بإدراج مطالب المجتمع المدني في برامج السياسة العامة. ومن أجل وضع توصيات لتحسين أداء تلك المنظمات وتفعيل دورها في التأثير في عملية صنع السياسة العامة، أعدت الإسكوا هذا التحليل المقارن لمشاركة المجتمع المدني في السياسة العامة في بلدان عربية مختارة. ويستند التحليل المقارن إلى دراسات حالة تناولت أربعة بلدان أعضاء في الإسكوا هي الأردن وفلسطين ولبنان واليمن، وركزت على الأنشطة التي تضطلع بها منظمات المجتمع المدني وأنماط عملها في تنظيم حملات المناصرة والتحركات المطلبية، وتحقيق إنجازات ملموسة في مجال التأثير في السياسة العامة، وذلك من أجل تحليل قدرتها على المشاركة في السياسة العامة والتأثير في عملية صنع القرار. ويخلص التحليل إلى أن منظمات المجتمع المدني بحاجة إلى التركيز على بناء قدراتها المؤسسية وتعزيز وسائلها المعرفية وكفاءاتها في التفاوض وطرح البدائل، والانتقال من مرحلة الرصد والتحليل إلى مرحلة التحرك المطلبي والضغط باتجاه التطوير والتغيير.