تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

يوم اللغة العربية 2020: هدف في كتاب

21
كانون الأول/ديسمبر
2020
بيروت، لبنان

منذ وجد الإنسان وهو منشغل، يبحث عن طرق إلى واقع أفضل، بالحرب والسلم، بالمفاوضات والخطط. والهدف دائماً حاضر الرفاه وغد الازدهار. على هذا المسار الشاق، وقد دهمته جرثومة تعبر كل الحدود، لم تكن اللغة يوماً ترفاً، بل شاهد دقيق وصادق، وحاجة فكرية وتعبيرية.

اللغة تذكّر وتنذر وتوقظ وتنقذ.

تذكر اللغة بأن الجذور لا تنتهي، بل تمتدّ إلى الآتي من الأيام ومواسم الطبيعة ودورة المناخ، ففكرة اليوم هي واقع الغد، وعمل اليوم نتيجة الغد.  تنذر من مشهد الفقر والجوع والتشرّد متى أصبح واقع كل زمان ومكان. توقظ بكلمة بنبرة بأمثولة بصورة، تنقذ بجمال غير واقعي يصوّر الواقع القاسي. باللغة تستعين الأمم على الصمت والضجيج، وكثرة الهموم والأولويات، والحلم المنكسر لناس يهاجرون بحثاً عن مرتجى يدخل حيز الحقيقة.

في يوم اللغة العربية، وفي الواقع الافتراضي، قلبُ الحدث ليس ساحةً في مدينة غارقة في القدم، ولا اختراعا يهدّد بتغيير وجه البشرية في مدينة عائمة على الحداثة، ولا كارثة من صنع الطبيعة او الإنسان، ولا مهرجانا من الأشكال والألوان، بل كل هذا في قصة أو رواية تلبي عطش الحروف إلى معنى أو قضية أو هدف.

"هدف في كتاب" عنوان اختارته الإسكوا للاحتفاء باللغة العربية وباللغات هذا العام، في محاولة لربط محتوى خطة التنمية المستدامة (خطة عام 2030) وأهدافها السبعة عشر بتراث البشرية، اختصرته مؤلفات أدبية. وإذا بالقارئ يلتقي بما دفع إلى هذه الأهداف في كتب تنهمر حروف اللغة فيها قلقة فرحة لا يهم، المهم أنها تكتب الأمم سطراً سطراً في ماضٍ يبقى حاضراً، ويرسم الطريق إلى المستقبل.

واللغة غنية بمؤلفات تناولت قضايا الإنسان، نعيد اكتشافها في مشاهد كانت ولا تزال، تنتشلها الرواية من الواقع، ترسمها فصولاً وشخصيات تتكلم باسم كل فرد ومجتمع. بينها تلميذ يتوق إلى التعليم، عامل يبحث عن عمل، امرأة تسعى إلى المساواة، أمة، صغيرة أو كبيرة، تنشد تنمية للجميع وموارد تكفي للحاضر والآتي من الأجيال.

يوم اللغة العربية هو يوم من أيام اللغات الست، كرست له منظمة الأمم المتحدة الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر، لتؤكد على التعددية، ودور اللغات في نقل الرسالة الكونية إلى الوجدان المحلي، فيتلقاها كل إنسان، ويتبنّاها المزارع في حقله، والصناعي في مصنعه، وصانع القرار في موقع مسؤوليته، ويعمل الجميع في ورشة بناء على أسس متينة لا تستثني أحداً لعالم لا يهمل أحداً.