تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تقرير الإسكوا السنوي 2014

رمز الوثيقة: 
E/ESCWA/OES/2015/1
تاريخ النشر: 
2015

عشية السنة السبعين لتأسيس الأمم المتحدة، تدخل اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) عقدها الخامس من العمل في المنطقة العربية. وفي زمن كثير الفرص وكثير المحن، تقتدي الإسكوا بشعوب هذه المنطقة فتثبت على أهدافها وقيمها، وتتمسك بالتكامل وبالعدالة الاجتماعية،  وتتطلّع إلى آفاق مستقبل أكثر رخاءً وأكثر عدالة للجميع. من صموا آذانهم عن مطالب الشعوب ألقوا بأنفسهم وبالمنطقة في موجة عاتية من الاضطرابات، أودت بحياة مئات الآلاف، وأقصت الملايين، نفياً وتهجيراً، والحصيلة في تصاعد.  وإذ تخفت مطالب الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي إزاء العنف والجوع والتهجير، يبقى الإخفاق في تحقيق تطلعات الناس هو المحرك الذي أطلق الانتفاضات العربية، وقمع هذه الانتفاضات سبب ما نحن فيه، والسلام والسلم الأهلي بعيدين ما دامت مطالب الناس لا تُسمع وتطلّعاتهم لا تُحقق.

وأمام هذا المشهد المقلق أراني على اقتناع راسخ بأن منطقتنا ستخرج من هذا الألم. وإني على يقين من أن الصفحات التالية ستبعث فيكم الأمل، تماماً كما يبعث فيّ الأمل شرف العمل مع أبناء هذه الأمة وبناتها. هو أمل في الناس، يبقى ما بقوا. نعمل معهم، وحتى في البلدان التي تبدو حالها أصعب من غيرها، نحاول وإياهم أن نجد مساراً صاعداً إلى المستقبل ونسلكه، ونساهم في الإسكوا بما نقدر عليه، وما خبرناه، في التخطيط للمستقبل، مهما بعد، وللبناء مهما صعب، وللتعافي من داء الحرب مهما اشتد. هو أمل في قدرتنا على التلاقي متخذين من التكامل الإقليمي وسيلةً لتحقيق التنمية الاجتماعية ولتحقيق النمو الاقتصادي. وقد رحّب وزراء من جميع أنحاء المنطقة بتقرير التكامل العربي الذي أصدرته الإسكوا، والتزموا في دورتها الثامنة والعشرين بتوثيق التعاون، عازمين على إحلال الوحدة والمشاركة في الرخاء محل التجزئة والتعثر.

هو أمل في ترسيخ العدالة التزاماً سياسياً أكدت عليه الدول في عام 2014 في إعلان تونس بشأن العدالة الاجتماعية في المنطقة العربية. ويبقى دعم الشعب الفلسطيني عهداً علينا ثابتاً، نسلّط الضوء على ما يعيشه في ظل الاحتلال من أوضاع اجتماعية واقتصادية خطيرة، ولنا في الواقع شاهد يتردد صوتاً مدوياً وصورة ناطقة بأن نار العنف التي تحرق الجاني، كما الضحية، لا تخمد إلا بالعدل. قال ابن بطوطة رحالة العرب ذات مرة: "إن الترحال يجعلك في البداية عاجزاً عن الكلام، ثم يحوّلك إلى راوي قصص".  وما نشهده في منطقتنا من صراع بين صور الموت والقتل وقصص الصمود والحياة، قد يُعجزنا عن الكلام اليوم، ولكن ما نوثقه في النص والنفس والضمير، سيستحيل أرضاً تنبت حكايا عزم وبناء للمستقبل.