تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

ورشة العمل "الحماية الاجتماعية بصفتها عنصر تنمية"

6 أيلول/سبتمبر 2011

معالي الوزيرة ماجدة المصري، وزيرة الشؤون الاجتماعية في فلسطين
أصحاب المعالي والسعادة
السادة الخبراء
الحضور الكريم،

يسرني أن أرحب بكم اليوم في بيت الأمم المتحدة في بيروت، في افتتاح أعمال ورشة العمل حول الحماية الاجتماعية بصفتها عنصر تنمية. أرحب بكم بإسم اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربيّ آسيا (الإسكوا) وأنقل إليكم تحيات الدكتورة ريما خلف، الأمين التنفيذي للإسكوا.

الحضور الكريم،
يهدف هذا الاجتماع الذي تنظمه الاسكوا الى عرض تجارب مختلفة في صياغة أنظمة حماية اجتماعية فعالة ومتكاملة والاستفادة منها من أجل تنمية المجتمع العربي وتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب في تحديد مقاربات مبتكرة تزيد من تأثير برامج ومشاريع الحماية الاجتماعية ودراسة السبل المختلفة للجمع بين المساعدة الاجتماعية والتأمين الاجتماعي. وإذ ستركز المناقشات على الخيارات المتاحة للحماية الاجتماعية، فإنها ستستند اساساً إلى الارتباط الأوسع نطاقاً للسياسة الاجتماعية-الاقتصادية التي تتناسب مع مبدأ التنمية المستدامة والإدارة الصحيحة للموارد الطبيعية.

لماذا نقوم بهذا النقاش؟
أدى تعاقب الأزمات العالمية من أمن غذائي، ووقود، والأزمة المالية والأزمة الاقتصادية الى تزايد مطرد في نسب وأعداد الفقراء والمهمشين والعاطلين عن العمل في العديد من دول الاسكوا خصوصاً الدول الأقل نمواً. هذا الموضوع كان محط اهتمام العديد من القمم والدراسات، حيث تم اعطاء دفع كبير لموضوع توفير التشغيل الكامل مع احترام متطلبات العمل اللائق بمن فيهم النساء والشباب الذي اضيف الى الهدف الاول من اهداف الالفية عام 2008. وفي هذا الصدد كان التشديد على عنصرين متكاملين: الاول هو ان توفير العمل اللائق هو الآلية الاكثر اهمية لتمكين الفقراء من الخروج من الفقر؛ والثاني هو توفير حد ادنى من الحماية الاجتماعية للجميع بديلا عن المقاربات المجزأة والتي تتوجه للفقراء بشكل منعزل عن باقي فئات المجتمع.

السيدات والسادة،
تجاوباُ مع هذه التحديات بدأ صانعو السياسات في العديد من دول الاسكوا بإعادة النظر في برامج الحماية الاجتماعية والمساعدة الاجتماعية. اليوم، باتت تعاد صياغة هذه البرامج كجزء من رزمة أوسع من السياسات والتدخلات، القصيرة والمتوسطة والطويلة الأمد، الهادفة إلى حماية الأفراد والتخفيف عنهم في أوقات الأزمات وإلى توفير ميادين للخروج على المدى الأطول من الفقر المزمن. وتسعى هذه المقاربة الى ربط البرامج المختلفة بشكل مباشر بالحديث عن حقوق المواطنة ومسائل الإنصاف. كما بوشر بدراسة أطر أو سياسات تحويلية تسعى جاهدةً الى معالجة الأسباب الجذرية للفقر وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، من خلال التركيز على حقوق الأقليات، الصناديق الاجتماعية، الأدوات الضريبية لإعادة التوزيع، تحسين الوصول إلى الأراضي وغيرها من المناهج والآليات.

وكما في دول أخرى في العالم، لقد احتلت هذه المسائل موضعاً مركزياً في مختلف بلدان منطقة الإسكوا حيث تقوم غالبية برامج الحماية الاجتماعية على مفهوم "التكافل" أكثر من حقوق المواطنة. وفي هذا السياق وكما تشير الثورات التي اندلعت مؤخراً: العدالة الاجتماعية قد أصبحت مطلباً أساسياً وجوهرياً للمواطن العربي وان العقد الاجتماعي الجديد محوري بالنسبة لمستقبل الدول العربية على اختلافها. فإن المطلب الاساسى اليوم هو صياغة عقد مدني جديد بين حكومات المنطقة ومواطنيها يقوم على مبادئ الحرية والعدالة والإنصاف والحق في المشاركة في صياغة أطر الحياة السياسية والمجتمعية وفي ارساء تفاهم جديد بين الدولة والمجتمع على الاهداف العليا للوطن يعيد النظر في دور الدولة.

الحضور الكريم،
في أعقاب الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتضاؤل الموارد، يتطلع صانعو السياسة في مختلف بلدان الإسكوا نحو التحول من هذه المقاربة القائمة على الإحسان لدولة الرفاهية إلى نموذج للنمو الاجتماعي-الاقتصادي أكثر توجهاً نحو التنمية. وتعتبر هذه المقاربة الاستثمار في الموارد البشرية أساسياً لتوزيع عادل للموارد ولتعزيز إنتاجية طويلة الأمد. ويشمل ذلك إصلاح برامج التقاعد العامة وكذلك مراجعة برامج الضمان الاجتماعي أو المساعدة الاجتماعية المتوفرة حالياً. كما أن ثمة مسائل حيوية تتعلق بأدوات التمويل سواء الوطنية أو الدولية المتوفرة لتطبيق مثل تلك الخطط. هنا يمكن للدعم المتوفر للموازنة العامة وللرسوم وللمساهمات ذات العلاقة بالدخل وللتبرعات الإنسانية أن تكون مفيدة لاستمرارية مثل تلك البرامج. وهي أيضاً أساسية لدمج احتياجات المواطنين في السياسة الاجتماعية. وفي هذا السياق يصبح تفعيل دور الدولة والأفراد والمجتمع المدني بالإضافة الى القطاع الخاص والوكالات الدولية أساسياً.

آمل أن جميع هذه الموضوعات والخيارات، التي ذكرت سابقاً، سوف تبحث مسهباً خلال مناقشات هذه الورشة.

ختاماً أتوجه اليكم بصفتكم مساهمين في صناعة السياسات في بلدانكم، داعيا اياكم الى بذل المزيد من الجهد لتبادل التجارب والخبرات في ما بينكم، في سبل تطوير سياستكم الوطنية وفق احدث التوجهات المعاصرة في هذا المجال.

وأتمنى لكم النجاح بما يخدم المواطن العربي أينما كان.