تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

اليوم العالمي للمرأة: احتفاليّة بأصوات المرأة في المنطقة العربية

5 آذار/مارس 2015
بيت الأمم المتحدة، بيروت، لبنان

كلمة معالي الدكتورة ريما خلف

وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا

معاليَ السيدة أليس شبطيني، وزيرة المهجرين في الجمهورية اللبنانية،

أصحابَ المعالي والسعادة،

الزميلاتُ والزملاءُ،

الحضورُ الكريم

أرحب بكم في بيتكم، بيت الأمم المتحدة، تحيةً وإحياءً، لهذا اليوم العالمي.

 يوم نحتفي فيه بالمرأة وإنجازاتها في مختلف أقطار العالم، وفي بلداننا العربية على وجه الخصوص.

وهو أيضاً مناسبة نستذكر فيها ما لا ينسى من التحديات التي تواجهها النساء، ونؤكد التزامنا بالعمل على إزالة كل أشكال الإجحاف والتمييز ضدهن. التزام لا يمليه علينا الواجب تجاه المرأة فحسب، بل تمليه المسؤولية الأخلاقية على كل فرد تجاه نفسه أولاً، وتجاه المجتمع ككل.

أيها الحضور الكريم

ليست المرأة العربية، تلك المصورةَ على أغلفة المجلات اللامعة ولا في نشرات الأخبار القاتمة.

 ليست تلك المغيبة عن العين المغلوبة على أمرها، ولا تلك المستخدمَ جسدُها في التسويق والإعلان.

ليست المنسوجةَ من خيالات المستشرقين، ولا العورةَ المخوفَ عليها من أهلها.

إنما المرأة العربية تاريخ، وحاضر، من الألوان والأصوات والأيدي الصَّناع:

 من الخنساء وأم البنين تشاركان أمهات الشهداء الصبر والشجاعة، إلى نساء فلسطين ولبنان وسوريا والعراق يُقِمْنَ الخيام على ركام البيوت ويواصلن البناء. 

من غزالةَ تهزم الحجاج في الميدان إلى الناشطات السياسيات يملأن الميادين أمام أجهزة المستبد حتى يسقط.

ومن صانعات الحكايا وراويات الأشعار يتخطَّيْنَ قيود زمانهن، إلى الروائيات والشاعرات، وإلى الطالبات والعالمات في مدارسنا والجامعات يتخطين قيود المجتمع والدولة، ويقطعن الأسلاك الشائكة التي في النفوس، والتي في الطرق إلى مرادهن.

ولكنّ هذا اليوم يأتي علينا، والكثير من نسائنا ورجالنا ليسوا بخير:

فها هو "الدهرُ الريَّابُ" يخير بعض نساء العرب، بين الحرب الأهلية والاحتلال الأجنبي. بين أن يأخذ الجوع أبناءهن، وأن تأخذهم القذائف.  بين جدران المعتقلات، وخشبات أسواق النخاسة. بين الزواج القسري المبكر في مخيمات اللجوء، والسبي والاغتصاب في الطريق إليها.  

وفي إحتفاليتنا هذه تسطع في بالنا وجوه مشرقة طيبة تحاول أن تعدل من هذا الدهر ميله، فتنحت طريقاً مختلفةً عن كل ما يُعْرَضُ عَليها، وقد عرفَتْ، أن الحرية ليست في الاختيار بين المتاح القليل، بل هي في إتاحة ما يبدو مستحيلاً.

لذلك فإننا لا يسعنا إلا أن نثمّن غاليا دور المرأة العربية في الثورات والحركات المطلبية التي سعت من خلالها لبناء مجتمع أفضل، والدور الريادي لمؤسسات المجتمع المدني العربية في النهوض بقضية بالمرأة، وفي حماية مكتسبات ناضلت من أجل تحقيقها عقوداً طويلة.

فنحيّي نساءً لم يستكنَّ حتى فرضنَ مبدأ المناصفة والمساواة في الدساتير، وأخريات انتزعن قوانين وتشريعاتٍ لحماية المرأة من العنف والتحرّش والتمييز.

ونرفع صوتنا فخراً بنضال المرأة العربيّة وحضورها القوي في الثقافة والشعر والفن؛ في العمل السياسي والمهني؛ في الطب والاقتصاد والإدارة؛ في أوقات السلم، كما في الحروب وتحت وطأة الاحتلال؛ في الوطن كما في المهجر.  نضال يسير بنا نحو وطن عربي ملتزم بعدالة ومساواة وعيش كريم لكل امرأة ولكل رجل.

في هذا اليوم ننحني للمرأة الواقفة، مجازاً، وحقيقةً، في الصفوف الطويلة، أمام باب المصنع، أمام باب المدرسة، أمام أجهزة القمع، تحت الشمس الصعبة، أو تحت غيوم الغاز المسيل للدموع، وعلى مداخل تاريخ جديد.

الأمين التنفيذي: