29 تشرين الثاني/نوفمبر 2017
بيروت، لبنان
كلمة الدكتور محمد علي الحكيم
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة
والأمين التنفيذي للإسكوا
في اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
بيروت، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2017
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة
والأمين التنفيذي للإسكوا
في اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
بيروت، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2017
معالي الدكتور حسن منيمنة، رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني وممثل دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني،
معالي الدكتور رياض المالكي، وزير خارجية دولة فلسطين وممثل دولة رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني،
أصحاب المعالي والسعادة،
الحضور الكريم،
تمرُّ الذكرى السنويةُ المائةُ على وعدِ بلفور المشؤوم، ونحنُ في العامِ السبعين على إصدارِ الجمعيةِ العامة للأممِ المتحدةِ قراراً بتقسيمِ فلسطين، فأعطت أكثرَ من النصف لليهود، وما تبقى للفلسطينيين. وهذا هو العامُ الخمسون على احتلالِ إسرائيلَ للقدسِ الشرقيةِ والضفةِ الغربيةِ.
إن حصرَ الظلمِ الواقعِ على الفلسطينيين بما جرى في عام 1967 وما بعدَه هو ظلمٌ في حد ذاته. ففي بنيةِ النظامِ السياسي الحاليةِ للدولةِ القائمةِ بالاحتلالِ انتهاكٌ جسيمٌ لمبادئِ العدالةِ، ِ ولميثاقِ الأممِ المتحدة. فإسرائيل يكفي المرءُ أن ينتميَ إلى دينٍ معينٍ ليكونَ مواطناً فيها، ويسعَى حكامُها للحفاظِ على أغلبيةٍ حاسمةٍ لأتباعِ ذلك الدين، بتشجيعِ الهجرةِ الوافدةِ منهُم وحُرمانِ أصحابِ الأرضِ من حقِّهم في العودة.
إنَ دعوى الحقِّ التاريخيِّ لأتباعِ عقيدةٍ معينةٍ في أرضٍ يقدسونَها، في حدِّ ذاتِها، محلُّ نظرٍ وخلاف، فكيفَ بها وقد تطورَت في الممارسةِ الإسرائيليةِ إلى أن أصبحت دعوى بالحقِّ التاريخيّ الحصريّ، بمعنى أنَ أرضاً تُمنَحُ لمجموعةٍ من الناسِ لمجرَدِ إيمانِهم بأنَها لهم، وتُمنَعُ على آخرين مهما كان إيمانُهم بحقِّهم فيها.
لقد خالفَت إسرائيلُ حتى القرارَ الدوليَّ الذي أقرَّ قيامَها، قرارَ التقسيم. فهذا القرارُ رفضَ التهجيرَ القسريَّ للسكانِ وأقرَّ حقَّهم في العودةِ إذا هُجِّرُوا، واشتَرَطَ ألا يُنتزع شيءٌ من حقوقِهِم بسببِ دينِهم أو عِرقِهم. ولعقودٍ خَلَت، تجاهَلَت إسرائيلُ عدداً كبيراً من القراراتِ والصكوكِ الدوليةِ، المؤكدةِ منها على ضرورةِ إيجادِ حلٍّ دائمٍ للصراعِ الإسرائيلي – الفلسطيني يقومُ على أساسِ الدولتينِ، وعلى عدمِ جوازِ الاستيلاءِ على الأراضي بالقوةِ، والقاضيةِ بتجميدِ إسرائيلَ لجميعِ الأنشطةِ الاستيطانيةِ، بما في ذلك "النمو الطبيعي"، وبتفكيكِ جميعِ البؤرِ الاستيطانيةِ التي أُقيمَت منذُ آذار/مارس 2001.
وضربَت إسرائيلُ عرضَ الحائطِ بكلِّ المناشداتِ الدوليةِ التي طالبَتْها بإلغاءِ التدابيرِ الراميةِ إلى تغييرِ التكوينِ الديمغرافيِّ وطابِعِ الأرضِ الفلسطينيةِ المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدسُ الشرقية. فاستمرَّتْ في بناءِ المستوطناتِ وتوسيعِها، واستِقْدامِ المستوطِنينَ الإسرائيليين، ومصادَرَةِ الأراضي، وهَدْمِ المنازِلِ وتشريدِ المدنيينَ الفلسطينيين، في انتهاكاتٍ متماديةٍ للقراراتِ الدوليةِ وللقانونِ الدولي الإنساني.
لقد أكَّدَ المجتمعُ الدوليُ مراراً وتكراراً على أنَّ إنشاءَ إسرائيلَ للمستوطناتِ في الأرضِ الفلسطينيةِ المحتلةِ منذ عام 1967، بما فيها القدسُ الشرقية، ليس له أيُّ شرعيةٍ قانونيةٍ ويشَكِّلُ انتهاكاً صارخاً للقانونِ الدوليِّ وعقبةً كُبرَى أمامَ حلِّ الدولتَيْن وتطبيقِ الشرعيةِ الدوليةِ ومبادئِ القانونِ الدولي، وإحلالِ السلامِ العادِلِ والشامِلِ والدائم.
الحضورُ الكرام،
إنَّ العدلَ في فلسطين ضرورةٌ لا للفلسطينيين، بل للنظامِ الدوليّ بأسرِهِ. ففي السكوتِ عن الجريمةِ إنكارٌ للقانون، وفي إنكارِ القانونِ تهديدٌ للمجتمع. وتحقيقُ هذا العدلِ واجبٌ علينا جميعاً. فمقاومةُ الظلمِ والاستبدادِ في فلسطين دفاعٌ عن فكرةِ العدلِ، وعن البقاء.
ومن أُولى تجلياتِ مقاومةِ الظلمِ والاحتلالِ حمايةُ الضميرِ الجماعيِ والذاكرةِ الجماعيةِ. ونرحبُ اليومَ بضيوفِنا إلياس خوري ومرسيل خليفه ومي المصري، وما أجدرُ من القلمِ والموسيقى والفنِ السينمائي في عدمِ النسيان، وبناءِ ذاكرةٍ للأمسِ والغدِ، لا تبدّدها موازينُ القوى ولا قيودُ السياسة.
والشكر لكم جميعاً على مشاركتكم معنا في بيت الأمم المتحدة في إحياء يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، وفقنا الله جميعاً لخدمة فلسطين الحبيبة والأمة العربية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأمين التنفيذي: