تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة

10 تموز/يوليو 2017
New York



المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة: الجلسة الثانية: التنفيذ على الصعيدين الإقليمي ودون الإقليمي
 
كلمة السيد محمد علي الحكيم
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي للإسكوا
 
سيدي الرئيس،
أصحاب المعالي والسعادة،
السادة أعضاء الوفود والزملاء،
 
يسرني أن أخاطب هذا الحفل من موقعي الجديد، كأمين تنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا.
تعمل هذه اللجنة مع ثمانِ عشرة دولة عربية أعضاء فيها، في منطقة فريدة بما تتصف به من خصائص، وما تواجهه من تحديات. يجمع البلدان العربية تاريخ تفخر به ولغة، كما تلتقي على  تطلّعات إلى التكامل والتضامن فيما بينها. وعلى الرغم من اختلاف مسارات التنمية بين مجموعات البلدان التي تتكوّن منها المنطقة، تلتقي دولنا على التزام مشترك برؤية عربية موحدة للمضي نحو المستقبل.
دولنا تتطلع إلينا، وخصوصاً إلى هذه اللجنة  الإقليمية، لدعم تلك الرؤية، واستنباط الفرص للتضامن والتكامل. فالدول تعتمد على الإسكوا لما تستطيع تقديمه من دعم تقني، وما تمتلكه من قدرة على تنظيم حوارات إقليمية، ليلتقي الجميع حول طاولة واحدة، ويكفلوا فرص التقدم للجميع، نساءً ورجالاً، فتيات وفتياناً.

غير أن السعي  لتحقيق التنمية المستدامة في العالم العربي قد يكون اليوم أصعب من أيّ وقت مضى. فهذه المنطقة من العالم تشهد أزمة من أكبر الأزمات السياسية والإنسانية. فالنازحون، من بعض بلدانها، مثل الجمهورية العربية السورية، بالملايين. والبنى الأساسية والخدمات في البلدان المتوسطة الدخل التي تستضيف اللاجئين، مثل الأردن ولبنان، مستنفدة، وقد باتت على وشك الانهيار. وبعض البلدان، كليبيا واليمن، في أزمات ونزاعات تبدد ما تحقق طوال عقود من مكاسب إنمائية متواضعة. وقد باتت اليوم قوى التطرف العنيف خطراً يهدّد السلام والتنمية. وكل ذلك في منطقة لا تزال تعاني من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، أطول احتلال في التاريخ الحديث.
 وما يشهده أي بلد من احتلال أو عنف، لا تتوقف آثاره عند حدوده، بل تتسرب إلى جميع مفاصل المنطقة.
 
السيدات والسادة،
تضع خطة التنمية لعام 2030 الإنسان في صلب مشروع التنمية المستدامة. والملايين من الناس الذين وُضعت من أجلهم خططنا الإنمائية هم اليوم مقتلعون من ديارهم، عاطلون عن العمل، وقد تقطّعت أواصر علاقاتهم مع المجتمع والدولة.
وما نواجهه من تحديات اليوم يُظهر بوضوح اليقين: نحن بحاجة إلى السلام، نحن بحاجة إلى حل سياسي، نحن بحاجة إلى هياكل ديمقراطية شاملة. وستواصل الإسكوا، من موقعها كلجنة إقليمية، إعلاء الصوت باسم المنطقة العربية في المحافل العالمية: منطقتنا بحاجة إلى  السلام. والسلام هو مسؤولية إقليمية، وأيضاً مسؤولية عالمية.

والمنطقة العربية تحتاج إلى التنمية المستدامة. ولا يسعنا أن ننتظر انتهاء الصراعات لتحقيق التنمية المستدامة. لا يسعنا استخدام الصراعات ذريعة للتقاعس في سعينا إلى تحقيق التنمية المستدامة. هذه هي رؤيتنا وهذا هو التزامنا في الإسكوا: لن نألو جهداً  لتزويد الدول الأعضاء  بالمعارف والقدرات، بالبيانات والأدوات، من أجل الحفاظ على مكاسب التنمية، وتهيئة الفرص للمزيد.

توفر الإسكوا ملتقى لبلدان المنطقة لتجتمع وتضع أطر السياسات المتكاملة للمضي بالمنطقة نحو المستقبل. نعمل على تشجيع الحوار بين الجهات المعنية الرئيسية، حكومية وغير حكومية، وبناء الشراكات لدعم خطة 2030. والمنتدى العربي للتنمية المستدامة هو مثال على التعاون الوثيق والشراكة البناءة بيننا وبين جامعة الدول العربية، ومع أسرة الأمم المتحدة في تنفيذ الخطة.

وفي الأسبوع المقبل، سنستمع إلى ممثل المغرب الموقر، رئيس المنتدى العربي لهذا العام، حاملاً رسالة المنطقة العربية إلى هذا المنبر. فعلى الصعيد الوطني، تلتزم البلدان العربية بخطة التنمية لعام 2030، وتعمل على وضع الأطر المؤسسية وإجراء التعديلات التشريعية لتأمين الزخم الكامل لتنفيذ الخطة. وسترون أن هناك توافقاً حول الأولويات واتفاقاً على أن بعض الأهداف والأولويات الإنمائية لا تتوقف عند الحدود الوطنية:
 

  • فالقضاء على الفقر وتحقيق الازدهار في البلدان العربية هدف يتطلب منهجية إقليمية  لقياس الفقر وعدم المساواة، وهو في صميم مهامنا كلجنة إقليمية؛
  • لمعالجة الفقر، علينا أن نعالج البطالة. وفي العالم العربي، ما من بلد يستطيع خفض البطالة منفرداً في معزل عن اتجاهات الهجرة الإقليمية، لشبان وشابات يقصدون بلداناً غير بلدانهم  بحثاً عن فرص عمل. وعملنا على الهجرة يهدف إلى معالجة هذه الثنائية؛
  • نحتاج إلى بذل جهود جماعية لمواجهة نضوب الموارد الطبيعية والتدهور البيئي نتيجة لتغير المناخ؛
  • التنمية المستدامة في المنطقة العربية لا تكتمل من غير القضاء على جميع الحواجز التي تعترض مشاركة المرأة في الاقتصاد والسياسة.
هذه ليست سوى بعض الأمثلة عن القضايا المشتركة والعابرة للحدود: تحديات إقليمية تستلزم حلولاً إقليمية.
ونحن، كلجنة إقليمية، نعمل على مضاعفة جهودنا للاستفادة من الشراكات الإقليمية والعالمية، لدعم وتمويل التنمية المستدامة.
هذه رؤيتنا للعمل الإقليمي على التنمية المستدامة: مضافرة القوى في المنطقة على مسار  التنفيذ، على الصعيد الوطني ودون الإقليمي والإقليمي، متعهدين النداء العالمي بعدم إهمال أحد.

وشكراً
 

الأمين التنفيذي: