كلمة السيد محمد علي الحكيم
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي
للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)
في جلسة افتتاح
المؤتمر الرفيع المستوى حول تقييم أثر تغيُّر المناخ والتكيُّف
26-28 أيلول/سبتمبر 2017
فندق هيلتون بيروت ميتروبوليتان بالاس، بيروت
معالي الوزراء،
السيد حسن هادي الجنابي وزير الموارد المائية في جمهورية العراق،
الدكتور محمد عبد العاطي سيد محمد خليل، وزير الموارد المائية والري في جمهورية مصر العربية،
السيد يحيى ولد عبد الدايم، وزير المياه والصرف الصحي في الجمهورية الإسلامية الموريتانية،
السيد سيزار أبي خليل، وزير الطاقة والمياه في الجمهورية اللبنانية،
الدكتور رفيق علي صالح مدير عام المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد)،
معالي الدكتور إبراهيم آدم أحمد الدخيري مدير عام المنظمة العربية للتنمية الزراعية،
السيد ميكائيل ستاف نائب السفير ونائب رئيس بعثة مملكة السويد لدى لبنان والجمهورية العربية السورية،
السيدة ستيفاني شارف، رئيسة قسم التعاون التنموي في السفارة الألمانية لدى لبنان،
سعادة السفراء المعتمدين لدى الجمهورية اللبنانية،
أصحاب السعادة، الحضور الكريم،
اسمحوا لي بدايةً أن ارحبَ بكم في بيروت في افتتاحِ المؤتمر الرفيعِ المستوى حول تقييم أثرِ تغيُّر المناخ والتكيُّف معه في المنطقة العربية. وأخصّ بالترحيب الشيخ سعد الحريري، دولة رئيس مجلس الوزراء في البلد المضيف، وأشَكره على رعايته الكريمة لهذا المؤتمر.
نجتمع اليوم في إطار تنفيذ المبادرة الإقليمية لتقييم أثر تغيُّر المناخ على المواردِ المائية وقابلية تأثُر القطاعاتِ الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة العربية، المبادرة المعروفة "بريكار" (RICCAR).
هذه المبادرةُ أُطلقت في عام 2009 عملاً بقرارِ الإسكوا في دورتِها الوزارية الخامسةِ والعشرين، الذي تضمنَ دعوةً للأمانة التنفيذيةِ إلى إعداد تقييمٍ شاملٍ لقابليةِ تأثرِ القطاعات الاجتماعية والاقتصادية بعواقبِ تغيُّر المناخ على المواردِ المائية (صنعاء، أيار/مايو 2008)، وأيّدته القمةُ التنمويةُ والاقتصاديةُ والاجتماعية لجامعة الدول العربية (الكويت، 2009).
وأودُ في هذا السياق أن أعربَ عن فائقِ تقديري للتعاونِ المثمرِ والشراكةِ الاستراتيجية الوطيدة بين جامعةِ الدول العربية، والإسكوا وسائرِ منظومة الأمم المتحدة العاملةِ في المنطقة العربية، وللوكالاتِ والمنظمات الدولية والمراكزِ البحثية العالمية على جهودها الحثيثة في مختلف مراحل تنفيذ المبادرة الإقليمية.
وأودّ الإشادةَ بالوكالةِ السويدية للتعاون الدولي من أجل التنمية (سيدا) على دعمِها للمشروع منذ مراحله الأولى وطوالَ فترة تنفيذه، وبالوزارةِ الفدرالية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية من خلال مشروع "التكيُّف مع تغيُّر المناخ في قطاع المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" (أكوام) ACCWaM الذي تقاطع مع مبادرة ريكار وساهم في تنفيذ بعض عناصرها.
السيدات والسادة،
يُعقدُ هذا المؤتمرُ بعد عشرةِ أعوام على الإعلانِ الوزاري العربي حول تغيُّر المناخ في عام 2007، الذي أقر بالآثار الجسيمة المحتملة لتغيُّر المناخ على المنطقة العربية ودعا الى تقييم شامل لهذه الآثار.
وسيتخللُ هذا المؤتمرَ الرفيعَ المستوى على مدى الأيام الثلاثةِ المقبلةِ إطلاقُ التقريرِ العربي حول تقييمِ تغيُّرِ المناخ. وهذا العملُ يقدّم، للمرة الأولى على مستوى المنطقة العربية، تحليلاً شاملاً لآثار تغيُّر المناخ، وكيفية تأثر القطاعات الاقتصادية والاجتماعية بها، بعد أن صدّقَ عليه في العام الماضي المجلسُ الوزاريُّ العربي للمياه.
ويتخلّل المؤتمرَ أيضاَ عرضٌ للعديد من دراسات الحالة في المنطقة العربية حول القطاعاتِ الخضراءِ، والظواهر المناخية المتطرفة، والحد من مخاطرِ الكوارث، والتكيُّفِ مع تغيُّر المناخ؛ وعرض للتقدم في إطار انشاء المنتدى العربي للتوقعات المناخية واعدادِ مركز المعرفة الإقليمي (Regional Knowledge Hub) لمبادرة ريكار. وسيكونُ المؤتمرُ منصةً للحوار والنقاش حول المشاريعِ التجريبية المبتكرةِ وتحديدِ أفضلِ الممارساتِ الرامية إلى التكيُّف مع تغيُّر المناخ في البلدان العربية.
السيدات والسادة،
لم يعد خافياً انّ تغيُّرَ المناخ أصبح واقعاً يعصفُ بالعالم ككل، وضمنَه المنطقةُ العربيةُ، ومن الضروري إيلاءُ هذا الملف الأولويةَ في الخطط الوطنية، استرشاداً بما تقولُه الوقائعُ العلمية.
فمن المتوقعِ أن تشهدَ المنطقةُ العربية ارتفاعاً مستمراً في متوسط درجاتِ الحرارة مع ارتفاعِ تواترِ الأيام الحارة، ترافقُها تغيُّراتٌ في معدلاتِ تساقطِ الأمطار الشهرية. وتفيدُ مؤشراتُ الظواهرِ المناخية المتطرفة باحتمالات زيادةٍ في تواترِ الحالات المناخيةِ القصوى من جفافٍ وفيضانات.
وإزاء هذه النتائج، تبدو الحاجةُ ملحةً إلى تعزيز قدرة المنطقة العربية على التصدي لتحدياتِ تغيُّر المناخ، وذلك من خلال العمل على بناءِ القدراتِ ونقلِ المعرفة والتكنولوجيات، وتأمينِ الدعم المؤسسي والمالي اللازم.
السيدات والسادة،
تلتقي جهودُ الإسكوا مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي تطمح إلى توفير حياة كريمة لكافة البشر، وإلى تحقيق العدالةِ الاجتماعيةِ والإدارة السليمةِ للمواردِ الطبيعية والمحافظة على البيئة. وتتضمن الخطة سبعةَ عشرَ هدفاً ترمي الى توجيه العمل العالمي نحو خير الإنسان والأرض التي يعيشُ عليها.
ودخلَ اتفاقُ باريس حيزَ التنفيذ في أواسط عام 2016، ويهدف الى احتواء ظاهرة الاحتباس الحراري بالإبقاء على ارتفاع متوسطِ درجةِ الحرارةِ العالمية في حدودِ اقلّ من درجتين مئويتين فوقَ مستوياتِ ما قبلَ الحقبة الصناعية. وبلغ عدد الدول التي صادقت عليه حتى الان 166 دولة، منها 12 دولة عربية. وبات هذا التصديقُ التزاماً من كافةِ الأطراف بالممارسات الداعمة للحد من تغيُّر المناخ.
في هذا الإطار تقوم الإسكوا بدور فعّال على صعيد المنطقة العربية في دعم الدول الأعضاء في وضع الخطط الوطنية والسياسات، وفي تبادل المعارف والخبرات مع توفير أفضل الشروط للمفاوضات في المحافل الدولية بشأن تغيُّر المناخ.
السيدات والسادة،
اجتماعنا اليوم استمرار لمجهود قام به، على مدى ثمانية أعوامٍ، الشركاءُ الاحدَ عشرَ في تنفيذ المبادرة الإقليمية ريكار، أدى إلى بناء قاعدة معرفية مكثفة، ووضع منهجية لتقييم أثر تغيُّر المناخ تربطُ بين مختلف القطاعات، وتتلاءمُ مع ظروف المنطقة العربية.
وأتمنى أن يكون هذا الإنجاز انطلاقةً لمرحلة مقبلة تهدف الى تسهيل الوصول الى البيانات والمؤشرات، وتوفير منهجية معتمدة على الصعيد الإقليمي لدعم جهود الدول في العمل على التصدي لتحديات تغيُّر المناخ، واعداد برامج مكثفة لبناء القدرات على الصعيد الوطني. فالتعامل مع هذا الملف المتشعب بات ضرورة حياة، لما لتغيُّر المناخ من تأثير على سُبُل العيش وآفاق التنمية وجميع أبعادها.
وفي الختام، أكرر شكري لكم على حضوركم، وأجدد الشكر لشركاء المبادرة الإقليمية وأتمنى لمؤتمرنا كل النجاح.