23
تموز/يوليو
2008

مجتمعات الريف العربي تشيخ. هذا ما تقوله الدراسة التي أعدّتها "الإسكوا" حول "الملامح الديموغرافية للبلدان العربية: شيخوخة المجتمعات الريفية". فيما تعدّ عملية الشيخوخة في العالم العربي ظاهرة جديدة نسبياً، تظهر بعض الدلائل أنّ شيخوخة المجتمع الريفي العربي قد بدأت في وقت أبكر، مقارنة ببلدان أخرى. أمّا السببان الرئيسيان لشيخوخة المجتمع الريفي في البلدان النامية، فهما نزوح الشباب إلى المدينة بحثاُ عن فرص العمل، وانتقال معظم من تخطّى سنّ التقاعد (65 وما فوق) إلى الريف، بحثاً عن واحة من الراحة بعد عمر من الإنتاج. ويؤدي هذان العاملان إلى الإسراع في عملية شيخوخة المناطق الريفية، يضاف إليهما التحوّل الديموغرافي الذي شهدته مجتمعات البلدان النامية بشكل خاص في النصف الثاني من القرن العشرين، بسبب الانخفاض الحاد في نسبة الوفيات والخصوبة على حدٍّ سواء.
أمّا مفاعيل هذه العملية، فتتركّز في الأساس في تأثير الشيخوخة على التنظيم الاجتماعي والمؤسسات الاجتماعية المعنية به، ومنها العائلة. ولهذا الأثر وطأة أكبر على المجتمع الريفي، الذي يعاني من تغيّر ديموغرافي سريع. ولإخلاء المناطق الريفية من شبابها، وتحويلها إلى مناطق مخصصة لكبار السن فقط تأثير مأساوي على المدى البعيد، ليس فقط على صعيد القرية، بل المدينة أيضاً. فالضغط الذي تضعه الهجرة القروية على المدينة كبير، ويشكّل عبئاً ثقيلاً على البنية التحتية، إذ يزيد الطلب على المساكن والنقل، ممّا يؤثّر سلبياً على البيئة. لذا يبدو من الضروري إبطاء عملية نزوح من هم في سنّ العمل والإنتاج من الريف إلى المدينة، وتعزيز دعم القرى للمدن، من ناحية تزويدها بالمواد الغذائية والزراعية.
خطط دولية وعربية
عملت معظم بلدان "الإسكوا" على تعميم الوعي بقضايا الشيخوخة وسبل معالجتها على المستويين الحكومي والمدني. وتقول نشرة التنمية الاجتماعية الصادرة عن "الإسكوا" حول الشيخوخة في العالم العربي" إنّ هذه البلدان قد طبّقت نشاطات لرفع مستوى الوعي لدى الرأي العام بهذه القضية، كما أصبح الاحتفال باليوم العالمي للشيخوخة مناسبة سنوية للتذكير بأهمية الموضوع.
ومن ناحية السياسات الاجتماعية، اعتمدت الجمعية العالمية الثانية للشيخوخة ، المنعقدة في مدريد في العام 2002، خطة عمل تدعو إلى مشاركة فعّالة للمسنّين في المجتمع، وتعزيز صحّتهم والعمل على توفير بيئة مناسبة لهم. وقد اعتمدت البلدان العربية أيضاً خطّة مشابهة، هي خطة العمل العربية المتعلقة بالشيخوخة، والتي تدعو البلدان العربية إلى تطبيق خطة عمل مدريد. وتحدد الخطة العربية كذلك بعض النقاط الخاصة بالمنطقة العربية كضرورة تحسين وضع المرأة المسنّة، والحفاظ على لحمة العائلة العربية، وحماية المسنّين في البلدان التي تعاني من النزاعات.