تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأهداف الإنمائيّة للألفيّة في المنطقة العربية 2007 : منظور شبابي

06
تشرين الأول/أكتوبر
2008

أحرزت المنطقة العربية، التي تحفل بالاختلافات والتمايزات، تقدماّ مهماً وإن لم يكن متساوياً نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، بحسب ما ورد في تقرير جديد للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. إنمّا، يجب بذل جهود جادة والالتزام بحقّ من أجل الوصول إلى الأهداف في هذا الجزء من العالم.   
 
الأهداف الإنمائيّة للألفيّة في المنطقة العربية 2007 : منظور شبابي
 
أحرزت البلدان العربية خلال العقد الماضي، تقدمًا ملموسًا في إطار السعي إلى تحقيق الأهداف الإنمائيّة للألفيّة، وقد وجد تقرير جديد صادر عن الأمم المتّحدة وجامعة الدّول العربيّة لزوم بذل المزيد من الجهود المتضافرة والحثيثة لتعزيز التنمية في أقلّ البلدان العربية نمواً وفي البلدان والأراضي التي تعاني من الصراعات.
 
وقد أطلق التقرير الذي يحمل عنوان "الأهداف الإنمائيّة للألفيّة في المنطقة العربية 2007: منظور شبابي" في 27 أيار/مايو  2008 في صنعاء، اليمن، خلال الدورة الوزارية لـ"الإسكوا" التي تعقد مرة كل سنتين. وهو نتيجة جهد مشترك بذلته الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. كما أنّه الثاني ضمن سلسلة من الإصدارات التي تتناول موضوع الأهداف الإنمائية للألفية والتي بدأت بالتقرير الصادر في العام 2005 حول التقدم المحرز بشأن هذه الأهداف في المنطقة العربية.
 
وقد حدّد إعلان الألفية، الذي اعتمد في شهر أيلول/سبتمبر من العام 2000، ثمانية أهداف مقيدة بفترة زمنية وقابلة للقياس و18 غاية، على أن يتم إنجازها بحلول العام 2015. وتمثّل هذه الأهداف ذات الطابع العالمي مخططاً لحقوق الإنسان الاقتصادية والمدنية والثقافية والسياسية والاجتماعية. وفيما نصل إلى منتصف الفترة الفاصلة عن استحقاق الأهداف، ما تزال بعض المناطق في العالم متأخرة في هذا المجال، ومن المرجح ألاّ تستطيع أن تحقق هذه الأهداف في الوقت المحدد. 
 
متاعب نامية
 
يشير التقرير إلى أن التقدم المستقبلي نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية يعتمد إلى حد كبير على قدرة السلطات الوطنية على تلبية احتياجات وتحديات الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة بشكل أفضل. ومنذ العام 1980، تضاعف العدد الإجمالي للشبان والشابات الذين يعيشون في العالم العربي، واليوم، تستأثر هذه الفئة العمرية أكثر من 20 في المائة من مجموع السكان العرب الّذين يبلغ عددهم حوالي 330 مليون نسمة. ومع ذلك العدد غير المسبوق من الشباب، يجب أن تولي الحكومات في المنطقة العربية عناية لسياسة خاصة للاحتياجات الأساسية والقضايا ذات الاولوية لهذه المجموعة السكانية.
 
ويتحدث التقرير عن ثلاث مجالات ذات اولوية لتنمية الشباب في المنطقة العربية وهي: التعليم والعمالة؛ المشاركة السياسية ، والاجتماعية ، والثقافية؛ والاستدامة البيئية وقضايا الصحة. مع حوالي 25 في المائة من الشباب العاطلين عن العمل حالياً وتزايد أعداد الوافدين الجدد إلى سوق العمل، يشتدّ الضغط على الحكومات العربية في مجال استحداث وظائف لائقة وفرص لكسب الدخل. يتطلب ذلك دراسة كل من الطلب والعرض في اسواق العمل، وزيادة المعايير التعليمية، وتكييف المناهج المدرسية بحيث تتلائم مع احتياجات سوق العمل، وتسهيل الانتقال بين القطاعين الخاص و العام مثلاً. وفي الوقت نفسه، من المهم جداً تعزيز المواطنة الناشطة في اوساط الشباب والبناء على الدور المحفز لهمم كوسطاء للتحول الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وتقوية الوعي الصحي والمسؤولية البيئية ضمن هذه المجموعة السكانية. ويعرض التقرير في هذا المجال إطاراً لسياسة شبابية للمنطقة العربية تعالج قيود التنمية الحالية على المستويين الجزئي والكلي.
 
فرق شاسع
 
أبرز التقرير وجود تفاوت كبير في ظروف المعيشة والتقدم في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بين المناطق الفرعية العربية والبلدان الفرديّة. مما يحتّم الحاجة إلى تعاون مكثف والإقليمي فيما بين بلدان الجنوب. إن شعوب العراق وفلسطين، التي تمزّقها بالصراعات، بالإضافة إلى أقلّ البلدان العربية نمواً الستة - جزر القمر، جيبوتي، موريتانيا، الصومال، السودان، واليمن – بحاجة إلى دعم إضافي على الصعيدين العالمي والإقليمي بالتحديد – حيث أن الفقر المدقع واسع الانتشار فيما تبقى معدلات وفيات الأم والطفل مرتفعة جداً.
 
كما يقدم التقرير احدث المعلومات عن التقدم المحرز في البلدان العربية في مجال تحقيق كل من الاهداف الانماءية للألفية، موثقاً الجهود المتزايدة التي تبذلها حكومات البلدان العربية في مجال تحقيق هذه الأهداف. لقد أحرزت معظم بلدان المغرب والمشرق العربي، ودول مجلس التعاون الخليجي  تقدماً كبيراً ،نحو تحقيق الأهداف الانمائية للألفية بحلول عام 2015، لا سيما في مجالي الصحة والتعليم. حققت أيضاً أقل البلدان العربية نمواً، خصوصاً السودان و اليمن، تقدم هام في عدد من المجالات الرئيسية التنموية. و هذا ممثل في نسب أعلى للالتحاق بالمدرسة، خصوصاً للفتيات، نسب انتشار أقل للملاريا و السل، و نسب أعلى من الولادات تتم باشراف موظفي صحة من ذوي الاختصاص. ولكن، كانت هناك دائمًا انتكاسات حادة وقيود تعزى إلى عدد من العوامل. وتتضمن الأداء الاقتصادي الضعيف نسبياً للمنطقة في التسعينات، وعدم كفاية تمويل السياسات الاجتماعية، والافتقار المتكرر إلى الكفاءات الإدارية، وزيادة التوترات السياسية والنزاعات.
 
ونتيجةً لذلك ، لم تنجح المنطقة العربية بشكل كبير في الحد من فقر الدخل خلال السنوات الـ15 الماضية. وبينما انخفضت معدلات الفقر إلى حد كبير في العديد من البلدان بما فيها مصر، والمغرب، وتونس، لم تحرز أقلّ البلدان العربية نمواًً أي تقدم يذكر، حيث يقدر أن 32 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر. اتسع الفقر، في العراق وفلسطين، بشكل كبير نتيجة للصراع والاحتلال. ولا بدّ لمكافحة الفقر في هذه المنطقة، من التركيز على توفير السلام والاستقرار، والاندماج الاجتماعي، والتعاون البيني وتعزيز السياسات التي تخلق فرص عمل. من الأهميّة بمكان أن تتوجّه هذه السياسات إلى المناطق الريفية خاصةً، بما أن معدلات الفقر في المناطق الريفية تتجاوز إلى حد كبير تلك الموجودة في المناطق الحضريّة في معظم البلدان العربية.
 
وأكد التقرير أن معظم الدول العربية حققت تقدماً كبيراً في مجال الحصول على التعليم على جميع المستويات بالرغم من النمو السكاني السريع. تتخطّى اليوم معدلات الالتحاق بالمدارس الابتدائية في المغرب العربي، المشرق، ودول مجلس التعاون الخليجي نسبة الـ90 في المئة. علاوةً على ذلك، بينما أحرزت أقل البلدان العربية نمواً تقدماً هائلاً منذ العام 1990، يقدر أن 4.2 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5-9 سنوات لا يزالون خارج المدرسة في هذه البلدان. وبالإضافة إلى الحرص على أن يتمّم جميع الأطفال دورة كاملة من التعليم الابتدائي، يجب على السياسات التركيز على تحسين نوعية التعليم ووضع مناهج مدرسية تلبّي بشكل أفضل متطلبات سوق العمل.
 
ولقد شهدت المنطقة العربية في الآونة الأخيرة طفرة في الجهود التي تبذلها الحكومات ومنظمات المجتمع المدنى للتصدّي لجميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاستثمار في قضايا المرأة على نطاق واسع. ومع ذلك، فإن تحسين فرص الحصول على التعليم للفتيات لم يترجم بعد الى مزيد من المشاركة السياسية والاقتصادية. لم تزد حصة النساء العاملات بأجر في القطاع غير الزراعي منذ العام 1990، بينما ارتفعت نسبة المقاعد في البرلمانات الوطنية التي تشغلها النساء بشكل طفيف إلى 8.7 في المائة العام 2007. ولا بدّ للسياسات التي تهدف الى إزالة الفوارق بين الجنسين في جميع أبعاده، أن تعالج المسائل المتعلقة بالعمالة، فضلاً عن المشاركة السياسية.
 
الاستثمار في الغد
 
وأخيراً، شدد التقرير على ان تحقيق تقدّم أسرع في مجال الاهداف الإنمائية للألفية في المنطقة العربية لا يحتاج فقط الى بذل جهود أقوى في السياسة المحلية، بل أيضاً مساعدة مالية أكثر سخاءً وفعاليةً من البلدان المتقدمة وزيادة تعزيز التعاون الإقليمي بين البلدان العربية. هنالك حاجة لدعم مالي إضافي وتوثيق اقليمي للتعاون، من ضمن أمور أخرى، في سبيل التغلب على الهوة الرقمية التي تفصل بين دول مجلس التعاون الخليجي عن بقية بلدان المنطقة. ففي بلدان مثل العراق، موريتانيا، واليمن يستخدم جزء صغير فقط من السكان الحواسيب الشخصية، واقل من 1 في المائة يصلون إلى شبكة الانترنت. انخفض مجموع المساعدة الإنمائية الرسمية للدول العربية بنسبة 60 في المائة تقريباً خلال التسعينات، في حين أن توزيع المساعدة الإنمائية الرسمية داخل المنطقة لا يزال منحازاً ضد بعض البلدان الاكثر فقراً. وذلك بسبب طغيان العوامل الجغرافية السياسية، والمصالح الاقتصادية والعلاقات الاستعمارية الماضية، في كثير من الاحيان على الاحتياجات الإنمائية عند اتخاذ القرارات المتعلقة بتخصيص المعونة من قبل الجهات المانحة الرئيسية.
 
للإطلاع على التقرير كاملاً أو تحميله:
http://www.escwa.un.org/information/publications/edit/upload/ead-07-3-a.pdf