لا يُعد قياس أثر الخدمات الإلكترونية غايةً في حد ذاته، وعلى الرغم من الإيمان العام بالأثر الاجتماعي الاقتصادي الإيجابي الذي تُحدثه الخدمات الإلكترونية، إلاّ أنّ غياب مؤشرات قابلة للقياس لهذا الأثر يُعيق قدرة راسمي السياسات على إجراء تقييم حسب الأصول للأثر الذي تحدثه المبادرات التي يتخذونها وكذلك تعديلها وفقاً لذلك. وتعد هذه المسألة حاسمة في سياق البلدان النامية ذات الموارد الشحيحة التي قد تخصص لأولويات تنموية أخرى، بل إنّ الكثير من مشاريع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قد آل مصيرها إلى الفشل في الماضي وكان السبب وراء ذلك إلى حد كبير، ضعف الإلمام بالسياق المحلي، وعدم المواءمة بين عرض الخدمات وحاجات الفئات السكانية المستهدفة.
تقيّم هذه الدراسة توفر خدمات إلكترونية مختارة ونضجها وحالتها في المنطقة العربية، وذلك من خلال مؤشرات مختارة وأطر قياس موجهة إلى قياس أثر الخدمات الإلكترونية في التنمية الاجتماعية الاقتصادية. وهذا التقييم ضروري لتقييم ما يمكن قياسه؛ والأهم من ذلك أن يكون أداة لراسمي السياسات في المنطقة لتتسنى لهم التوصية بمبادرات مما يؤدي إلى تطوير خدمات إليكترونية أفضل تؤدي إلى إحداث أثر اجتماعي اقتصادي أكبر.
تُختتم هذه الدراسة بإطار عمل يتيح لنا فهماً أفضل للعملية التي بفعلها تتطور الخدمات الإلكترونية وتُحدث أثراً في المحصّلات الاجتماعية الاقتصادية. وتحمل الدراسة في طياتها اقتراحات لمبادرات في مجال السياسات تستغل قدرة التحويل الكامنة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وكذلك الابتكار في الخدمات الإلكترونية؛ وهما أمران تأتّيا بفضل التقدم التكنولوجي وتعزيز انتشار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وعلاوة على ما تحمله المبادرات المقترحة من فائدة متأصلة للارتقاء بالأثر الذي تحدثه الخدمات الإلكترونية، فهي تتيح المجال لاشتقاق أدوات قياس مما يمهد السبيل لتحسين قياس أثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات الإلكترونية في المستقبل.