تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الحالة والتوقعات الاقتصادية في العالم لعام 2008 انتعاش أسعار البترول يساعد دول غرب آسيا على تعزيز نموها الاقتصادي

11
كانون الثاني/يناير
2008
بيروت

)-- قال التقرير الاقتصادي السنوي للأمم المتحدة الذي يأتي هذا العام تحت عنوان "الحالة والتوقعات الاقتصادية في العالم 2008" إنّ دول منطقة غرب آسيا حافظت للعام الخامس على التوالي على معدل نمو اقتصادي زادت نسبته عن 4.5 بالمائة. وقد دفع بهذا النمو ارتفاع أسعار البترول من جانب والطلب العالمي غير المسبوق من جانب آخر. ومن المتوقع أن يشهد عام 2008 نمواً اقتصادياً إقليميا فعالاً، بنسبة تبلغ 5.2 بالمائة.

ويشير تقرير الأمم المتحدة والذي صدر في 9 كانون الثاني/يناير الجاري، إلى أن المنطقة تستفيد من عائدات أسعار البترول وما تلا ذلك من طلب متزايد عليه. ومن المتوقع حدوث نمو اكبر في الدول المصدرة للبترول، في الوقت الذي عادت فيه أسعار البترول المرتفعة بالفائدة على الدول ذات الأنماط الاقتصادية الأكثر تنوعاً وذلك من خلال الآليات المتنوعة لانتشار النمو الاقتصادي.

كما أضاف التقرير أنّ الانتعاش الاقتصادي الحالي يتيح فرصة لدول منطقة غرب آسيا. فمع الارتفاع المستمر لأسعار البترول واستقرار مستويات الإنتاج، تستطيع الحكومات أن تستغل تلك الوفرة النسبية لرؤوس الأموال الناتجة عن زيادة أسعار البترول حالياً في تطبيق مجموعة من التغيرات الهيكلية على بنيتها واقتصادياتها، وهي تغيرات تأخرت في تفعيلها. وذلك بغية تشجيع تنوع اقتصادي أفضل بما يمثل مصدراً لتحقيق النمو المستدام وخلق فرص للعمل بشكل اكبر."

بيد أن التوقعات على المدى المتوسط للمنطقة يخيم عليها تباطؤ النمو الاقتصادي للولايات المتحدة، وهو ما قد يحد من الطلب على الشراء ومن ثم يدفع بأسعار البترول وكذلك أسعار باقي الصادرات غير البترولية بالمنطقة إلى التراجع، وفقاً لما ورد في التقرير. كما أن هناك مخاوف من أن يفاقم الضعف الحالي للدولار مما تعاني منها المنطقة من ضغط مستمر بسبب التضخم.

آثار ايجابية لامتداد النمو الاقتصادي إلى الدول غير المصدرة للبترول

أدى النمو المتزايد في اقتصاديات الدول المصدرة للبترول إلى ظهور آثار ايجابية امتدت إلى دول أخرى في المنطقة، وتمثلت في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتحويلات المالية من العمال المغتربين وكذلك إيرادات السياحة. وقد حفزت تلك الآثار الايجابية غير المباشرة لارتفاع أسعار البترول النمو الاقتصادي في كل من الأردن وسوريا، وبنسبة اقل في لبنان واليمن. ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة، من المتوقع أن تمثل نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من الناتج المحلي الإجمالي في الأردن 13 بالمائة و 5 بالمائة في لبنان في عام 2007. في حين ظلت السياحة مصدراً هاماً للدخل، خاصة في الأردن، حيث ازدادت الوفود السياحية بشكل مطرد خلال السنوات القليلة الماضية. أما في لبنان، والذي يمثل عادة وجه سياحية رئيسية فقد تراجعت إيرادات السياحة بنسبة 35 بالمائة خلال النصف الأول من عام 2007 نظراً لما عاناه الاقتصاد من آثار الحرب مع إسرائيل.

وتظل التحويلات المالية للعمال مصدراً هاماً للدخل في العديد من هذه الدول. ففي الأردن ولبنان تمثل التحويلات المالية نحو 20 إلى 25 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، في حيث تبلغ 35 بالمائة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي واحدة من اكبر النسب في العالم. وقد قامت دول مجلس التعاون الخليجي مؤخراً باستجلاب مزيد من العمال من دول خارج المنطقة، مما أدى لتراجع نمو تحويلات العمال المالية لدول غرب آسيا الأخرى.

أنظمة أسعار الصرف وإدارة الاحتياطيات الأجنبية موضع الإنقاذ

تمتلك معظم الدول أنظمة صرف ثابتة. وتربط معظم دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الحالي، باستثناء الكويت، عملاتها المحلية بالدولار الأمريكي. في حين تواجه دول غرب آسيا تكاليف أعلى لوارداتها باليورو وغيرها من الواردات التي لا يتم شراؤها بالدولار، وذلك بسبب انخفاض قيمة الدولار وفي حال استمرار انخفاض قيمة الدولار مع استمرار زيادة التضخم المحلي، فمن المرجح أن تحتل المناقشات حول إعادة تقييم العملات المحلية مركز الصدارة.

ويبدو هذا الجدل الدائر وثيق الصلة بما يجري في هذه الآونة، حيث يتعين على حكومة البحرين والكويت وقطر والسعودية والإمارات أن تقرر ما إذا كانت ستستمر في خططها لإنشاء وحدة مالية بحلول العام 2010. فقد تقرر هذه الدول تأجيل ذلك التاريخ المحدد، متبعة في ذلك نهج سلطنة عمان في نهاية العام 2006 حيث قررت الانسحاب من خطة العملة الموحدة.

وتعد الإدارة السديدة لاحتياطيات الصرف الأجنبي موضوعا معنياً. فالدول المصدرة للبترول في المنطقة ما زالت على نهجها في شراء الصكوك المالية من الولايات المتحدة وفي شراء صناديق الحماية بالدولار خارج الولايات المتحدة. ويزداد إجمالي الاحتياطيات المالية الرسمية في المنطقة بدرجة هائلة وكان من المتوقع أن تبلغ 400 مليار دولار في العام 2007.

وبشكل تقليدي يتم الاحتفاظ بالاحتياطيات الأجنبية لأغراض وقائية، مثل الدفاع عن تعويم أسعار الصرف خدمات الدين وتأمين الواردات. إلا أنه إذا وضعنا أسعار الصرف الثابتة في دول التعاون الخليجي والدين المنخفض جدا والثروة الهائلة، فان الحاجة للاحتفاظ باحتياطيات صرف أجنبية كبيرة جدا لأغراض وقائية يظل موضوع تساؤل.

ويجب النظر إلى خطط الاستثمار التي تم الإعلان عنها مؤخرا في مجلس التعاون الخليجي والتي بلغت 700 مليار دولار بين عامي 2006 و 2010 كمؤشر ايجابي. كما سيتم ضخ استثمارات جديدة في مشاريع كبيرة ومتنوعة. وينبغي أن تدفع هذه المشاريع إلى نمو اقتصادي أكبر حجما. فالمملكة العربية السعودية تخطط لإنشاء العديد من المدن الكبيرة التي ستزيد من نطاق النمو ليتخطى العاصمة. كما تقوم الإمارات العربية المتحدة، والتي تنخفض فيها نسبة البترول في الناتج المحلي الإجمالي بشكل مطرد، بإجراء إصلاحات لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاعات السياحة والعقارات والتصنيع.

يطلب التقرير من مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت، ساحة رياض الصلح، أو على عنوان الانترنت:
http://www.un.org/esa/policy/wess/wesp.html