تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الإسكوا تعدّ استراتيجية لتطوير النقل المتعدد الأنماط بين الدول العربية

20
أيلول/سبتمبر
2018
بيروت، لبنان

تعمل لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) حاليًا على مشروع وضع رؤية استراتيجية مشتركة لتطوير النقل المتعدد الأنماط في المنطقة العربية بما يخدم زيادة الربط بين الدول العربية وتعزيز التكامل بينها لدعم تحقيق التنمية المستدامة فيها.
 
وهذا المشروع جزء من جهود متكاملة للإسكوا تسعى لتطوير قطاع النقل في المنطقة العربية على خلفية ضعف البنى التحتية وخدمات النقل عمومًا وعلى ضوء الاتجاهات الكبرى التي يشهدها القطاع في العالم وتأثيرها على المنطقة والتي تتوزع على ستة محاور هي: الجغرافيا والبيئة؛ والسكان والمجتمع؛ والاقتصاد والتمويل؛ والتنظيم والحوكمة؛ والعوامل السياسية والنزاعات؛ والتكنولوجيا والابتكار.
 
وقد كانت الدورة الوزارية الـ30 للإسكوا التي عقدت في أواخر شهر حزيران/يونيو المنصرم فرصة لعرض هذه الاتجاهات والوقوف على آراء مندوبي الدول الأعضاء والخبراء والمسؤولين الحكوميين والوزراء وتوصياتهم حول الدراسة التي تعدّها اللجنة الإقليمية. وقد شدّدوا بالإجماع على أهمية التعاون الإقليمي لإيجاد حلول مبتكرة جماعية بعيدة المدى لقضايا النقل الأساسية.
 
وبحسب المستشار الإقليمي للنقل واللوجستيات في الإسكوا الدكتور يعرب بدر، هناك اهتمام بتنفيذ هذا المشروع من جانب القيّمين على قطاع النقل في الدول العربية. وقد أعرب البنك الإسلامي للتنمية عن استعداده لتمويل الجزء المتعلق بتطوير نظام المعلومات الجغرافيّة، فيما أعرب البنك الدولي عن استعداده للمساهمة جزئيًا في نشاطات المشروع.
 
محرّكات التغيير
وتشمل محرّكات التغيير الجغرافية والبيئية مبادرة الحزام والطريق الصينية، والملاحة عبر الطريق البحري الشمالي التي أصبحت ممكنة في أجزاء متزايدة ولفترات أطول من السنة بسبب سرعة ذوبان جليد المحيط المتجمد الشمالي بفعل الارتفاع الثابت في درجات الحرارة عالميًا. وتشمل كذلك تراجع استخدام الوقود المستخرج من الفحم الحجري أو الفحم النفطي الأسود أو الغاز الطبيعي أو النفط وذلك نتيجة تصاعد الهواجس البيئية.
 
ومن العوامل المتعلقة بالسكان والمجتمع، هناك تزايد النمو السكاني والضغط العمراني حيث تتركز معظم الزيادات السكانية في المدن مما يستلزم تعزيز دور النقل الجماعي لحل أزمات الازدحام المروري. وهناك تغيّر أنماط الاستهلاك الذي يؤثّر مباشرة على حركة التبادل التجاري العالمي. أما العوامل المتعلقة بالاقتصاد والتمويل فتضمّ مثلاً تحديات تمويل التنمية بالتزامن مع التراجع الحادّ في إيرادات الدول العربية وما يمكن أن يخصّص منها للتنمية بسبب الأزمات الإقليمية المستمرة منذ عدة سنوات في بعض البلدان والتراجع المستمر في عائدات بيع المشتقات النفطية التي تشكل المورد الرئيسي للتمويل الحكومي بالنسبة لبعضها الآخر.
 
وبالنسبة لعامل التنظيم والحوكمة، هناك حاجة متزايدة إلى التوافق على مواصفات السلع المطروحة في الأسواق وعلى إجراءات نقل هذه السلع. ويشمل هذا العامل الاتفاقيات الدولية التي ترعى أنشطة النقل على المستويين الدولي والإقليمي. ويلاحَظ في هذا الصدد ضعف انضمام البلدان العربية إلى الاتفاقات الدولية للنقل البرّي. من هنا، تسعى الإسكوا إلى انضمام جميع الدول العربية إلى اتفاقين إقليميين هما اتفاق الطرق الدولية بين البلدان العربية واتفاق السكك الحديدية الدولية في البلدان العربية، إضافة إلى تعزيز التعاون في مجال النقل البحري.
 
وما يؤثر على النقل في العالم عمومًا وفي المنطقة العربية خصوصًا العوامل السياسية والنزاعات التي تؤدي إلى تغيّر خطوط النقل وانتشار الهواجس في مجال أمن الطاقة. أما المحور السادس المتعلق بالتكنولوجيا والابتكار، فيشمل استخدام مصادر الطاقة النظيفة والطاقة الشمسيّة وابتكار القطار الفائق السرعة والمركبات الذاتية الحركة التي يتوقع أن تكون من أهم نتائج الثورة الرقمية في مجال النقل بما ستحدثه من تغيير جذري في النظرة إلى النقل والتنقلات، بما تقدمه من حلول مباشرة لتلبية احتياجات التنقلات بشكل فوري بدون وسيط، وبما قد يغني عن الهاجس التقليدي لامتلاك السيارة.
 
ويتوقع أن يستمر تنفيذ المشروع لمدة ثلاث سنوات، تبدأ بإعداد الدراسات الاستهلالية ومنها تطوير نظام المعلومات الجغرافية لشبكات ومرافق النقل في المنطقة العربية، وكذلك تعزيز الإطار المفاهيمي للمشروع واعتماده من جانب فريق المنسقين الوطنيين، على أن تتلاحق المراحل التنفيذية للمشروع بعد ضمان توافر التمويل اللازم له.
 
في هذه الأثناء، تعمل الإسكوا على التواصل مع جهات أخرى لتأمين المستلزمات المادية والفنيّة والبشرية اللازمة لتنفيذ المشروع ومتابعته في ما بعد.