صناعة المحتوى الرقمي التي تساهم مساهمة كبيرة في تطوير مجتمع معلومات شامل للجميع، كانت المحور الأساسي لمؤتمر عُقد مؤخرًا في العاصمة السورية، دمشق، من 31 آب/أغسطس إلى 2 أيلول/سبتمبر 2018، حيث عرضت فيه لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) أعمالها في مجال صناعة المحتوى الرقمي العربي في المنطقة العربية وبينت مستلزمات تطوير صناعة المحتوى الرقمي العربي.
حضر عدد من الخبراء الحكوميين والثقافيين والعلميين بالإضافة إلى فعاليات أخرى المؤتمر الثاني لصناعة المحتوى الرقمي العربي الذي حمل عنوان "المحتوى المعارفي السوري" والذي نظمته الجامعة الافتراضية السورية بالتعاون مع عدد من المؤسسات الحكومية والتعليمية والعلمية، برعاية الدكتورة نجاح العطار، نائبة رئيس الجمهورية ورئيسة مجلس أمناء الجامعة الافتراضية السورية.
وفي إطار جهود الإسكوا في هذا المضمار، قدّمت رئيسة قسم الابتكار في الإسكوا، الدكتورة نبال إدلبي، محاضرة بعنوان "صناعة المحتوى الرقمي العربي: الواقع والآفاق"، سلّطت فيها الضوء على أعمال الإسكوا في مجال صناعة المحتوى الرقمي العربي في المنطقة العربية.
وقالت إدلبي: "تتحول معظم الأعمال اليوم إلى العالم الرقمي، فمثلاً تظهر الإحصاءات نمو الإيرادات الرقمية في قطاع الكتب والإعلام والترفيه، لتصبح أكثر من 50% اعتباراً من العام الحالي (2018)، بينما كانت لا تتجاوز نسبتها 37% منذ خمس أعوام فقط (2013)، وبالتالي توجد فرص كبيرة للعالم العربي في مجال صناعة المحتوى الرقمي العربي".
تساعد صناعة المحتوى الرقمي في تحسين الاقتصاد القائم على المعرفة، وتوفّر فرص عمل جديدة في مجالات حيوية مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، فإن للمحتوى الرقمي أبعاداً هامة في مجال الحفاظ على الهوية واللغة والتراث الثقافي والحضاري في العصر الرقمي الذي أصبح فيه الفضاء السبراني أساساً من أجل حفظ المعلومات ونشرها، وللقيام بجميع الأنشطة الحيوية الثقافية والتعليمية والاقتصادية والخدماتية.
وفي سياق الحديث عن السبل لتفعيل صناعة المحتوى الرقمي العربي، أشارت الدكتورة نبال إدلبي إلى "ضرورة وضع استراتيجيات وطنية تحدد الرؤى والأهداف، وتبين المحاور الأساسية التي يجب العمل عليها من أجل تطوير هذه الصناعة، كتوفير بيئة أعمال ملائمة للقطاع الخاص ولإنشاء الشركات الناشئة، وكذلك بناء القدرات اللازمة من أجل استثمار مبتكر للتكنولوجيات البازغة وتوفير بنى تحتية عالية الجودة".
صدر عن المؤتمر مجموعة من التوصيات، أهمها: تشكيل فريق عمل من أصحاب المصلحة يعمل على إعداد سياسة وطنية مستدامة للمحتوى الرقمي العربي في سوريا وبناء مركز تفكير افتراضي يجمع المفكرين المهتمين داخل سوريا وفي المغترب ويتداول في مواضيع علمية تهم المحتوى الرقمي العربي وصناعته كما قرر المشاركون العمل على بناء القدرات اللازمة لتطوير المحتوى التعليمي والبحثي الرقمي عن طريق لجنة توجيهية تشكلها وزارة التعليم العالي.
أوصى المؤتمر بتشكيل لجنة لإطلاق مسابقة سنوية للمحتوى الرقمي العربي ودعا لإنشاء صناديق تمويل لدعم مشاريع المحتوى الرقمي العربي وشجّع القطاع المصرفي على الاستثمار في رأس المال المغامر ودعم تأسيس الشركات ذات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال في مجال صناعة المحتوى الرقمي العربي فضلاً عن عقد مؤتمر دوري للمحتوى الرقمي العربي كل سنتين.
تجدر الإشارة إلى أن المحتوى الرقمي العربي ما زال ضعيفاً حتى اليوم. فبالرغم من أن اللغة العربية هي الرابعة عالمياً من ناحية عدد المستخدمين على الإنترنت وبنسبة 5.3%، إلا أن نسبة المحتوى الرقمي باللغة العربية لا تتجاوز نسبة 1% وفق العديد من المصادر. أما نسبة عدد المواقع باللغة العربية على الإنترنت فهي 0.6% وفق ويكبيديا. يذكر أن معظم سكان المنطقة العربية يفضلون الاطلاع على المعلومات باللغة العربية وفق العديد من المسوح الإحصائية.
لقد تنبهت الإسكوا إلى أهمية صناعة المحتوى الرقمي العربي بالنسبة للمنطقة العربية منذ عام 2003، فعملت على التوعية حول أهمية تطوير صناعة المحتوى الرقمي العربي ونظمت العديد من اجتماعات الخبراء للتداول والنقاش حول أهم السبل لتعزيز المحتوى الرقمي العربي. وأصدرت العديد من الدراسات المرجعية حول المحتوى الرقمي العربي وصناعته. كما نفذت الإسكوا على مدار سنوات عدة مبادرات لدعم ريادة الأعمال ولتشجيع الشباب على التوجه نحو صناعة المحتوى الرقمي العربي. وقد تضمنت هذه المشاريع ورش عمل تدريبية بالإضافة إلى استيعاب الشباب في الحاضنات الوطنية.
وفي الجلسة الختامية أُقرت توصيات المؤتمر التي شملت العديد من النقاط التي قدمتها الإسكوا.
لمزيد من المعلومات عن أعمال الإسكوا في مجال المحتوى الرقمي العربي يمكن زيارة الرابط التالي: https://bit.ly/2oTHFaP
لمزيد من المعلومات حول المؤتمر يمكن زيارة هذا الرابط: https://acnc.svuonline.org