شدّد اليوم الدكتور عبدالله الدردري، مدير إدارة التنمية الاقتصادية والعولمة وكبير الاقتصاديين في الإسكوا، على أنه في وجه مقولة التفتت الذي تعاني منه المنطقة، يبقى العمل على تحقيق التكامل الإقليمي هو الرد الوحيد على ما يجري من أجل تحقيق التنمية البشرية المستدامة. وكرّر دعوة الإسكوا إلى العمل على تحقيق التكامل الإقليمي، كحلّ اقتصادي ناجع لبلدان المنطقة، إذ أظهرت الأزمات الأخيرة أنّ المنطقة العربية مترابطة بشكل اكبر مما كان يُعتقد، حيث تأثرت بلدان المنطقة ككلّ بنتائج هذه الأزمات.
الدردري كان يتحدث خلال مؤتمر صحفي عقده بعد ظهر اليوم في مقر الإسكوا، ساحة رياض الصلح-بيروت، لإطلاق التقرير الاقتصادي السنوي للأمم المتحدة المعنون ’’الحالة والتوقعات الاقتصادية في العالم في عام 2013‘‘. وقد شارك في هذا المؤتمر حشد من المؤسسات الإعلامية اللبنانية والعربية والدولية.
وأضاف أنّ أسعار النفط ستبقى مرتفعة، على أن يكون المعدل السنوي الفوري لسعر برنت حوالي 105 دولاراً للبرميل في العام ٢٠١٣ - ٢٠١٤. كما توقّع ضعف الطلب الخارجي من أمريكا الشمالية وأوروبا على صادرات المنطقة غير النفطية، وتوقّع كذلك أن تشكل زيادة نسبة الاعتماد على الصادرات النفطية العنصر الرئيسي في خطر الوقوع بعجز.
وعزا الدردري قطع قنوات التدفقات المالية والسلع والخدمات والعمالة إلى عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الاجتماعية في المنطقة، متوقعًا أيضا عدم تحسّن في حالة العمالة، مما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الشباب العاطل عن العمل، وإلى زيادة الاضطرابات الاجتماعية.
سوريا
وتطرّق الدردري إلى موضوع سوريا الذي يعطيه التقرير حيّزاً لافتاً هذه السنة، فقال إنّ القتال في سوريا تسبّب بأضرار اقتصادية كبيرة، بما في ذلك تدمير الممتلكات التجارية والسكنية والبنى التحتية ومرافق الإنتاج. كما أثّرت الجزاءات الاقتصادية سلباً على الاقتصاد السوري، إذ تسبب الحظر النفطي بخسارة في عائدات الصادرات بما يقارب 4 بلايين دولار، مما أدى إلى انخفاض في الإيرادات الحكومية بنحو 25 في المائة في عام 2012. وتوقّف تقريباً عبور البضائع عبر الأراضي السورية، إذ تحولت حركة العبور إلى طرق بديلة. وتأثر الأردن ولبنان بصفة خاصة من جراء ركود الأنشطة الاقتصادية العابرة للحدود مع سوريا. وانخفضت كثيراً بسبب الأزمة تدفقات رؤوس الأموال والسياحة، وهي عوامل كانت إلى وقت قريب تحرّك التوسّع الاقتصادي في تلك البلدان.
وقال إنّه بغضّ النظر عمّن سيربح المعركة، النتائج كارثية، وخسارة سوريا في العامين المنصرمين 35 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، أي ما يعادل 18 بالمائة سنوياً، بينما اليونان على سبيل المثال قد خسرت في كل أزمتها 1 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي.
أما فيما يتعلّق بكلفة إعادة البناء، فقال الدردري إنه في حال انتهت الأزمة اليوم،"ما زلنا نستطيع أن نرمم ما دمّر والرجوع إلى الخطط السابقة من النمو والتنمية، مع زيادة في الديون الخارجية تصل إلى 15 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي وزيادة 15 بالمائة في عجز الميزانية، وهما رقمان مقبولان لبلد يخرج توّه من صراع كارثي". وأشار إلى أن الإسكوا تقدّم في هذا الإطار الغطاء الفني فقط، من خلال الدراسات التي تقوم بها حول كلفة إعادة الإعمار، والتي يشارك بها خبراء سوريون، ودورها بالتالي هو تمكيني أكثر مما هو تقريري، فهي لا تقدّم بدائل للمجتمع السوري، إنما المشاركون أنفسهم يقومون بهذه المهمّة.
وردا على سؤال حول إمكانية أن تزيد الدول إنفاقها على القطاع العام الاستثماري، قال الدردري إنّ هذه المنطقة تنفق على الأمن والدفاع ضعفي إنفاقها على الصحة والتعليم، لذا فإنّ اعتبار بأنه لا وجود للهوامش المالية لزيادة الإنفاق على البنى التحتية أمر ليس دقيقاً مالياً، إذ أنّ هناك أموالا مهدورة وسوء إدارة للمال العام وفساد، مما يجعل من الإنفاق غير ذي جدوى.
تجدر الإشارة إلى أنّ تقرير الحالة والتوقعات الاقتصادية في العالم يصدر في بداية كل سنة عن إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) واللجان الإقليمية الخمس التابعة للأمم المتحدة.
* *** *
ملاحظة: في بيروت، يُطلب التقرير من وحدة الإعلام والإتصال في الإسكوا على الرقمين 910930-03 و046402-76.