Skip to main content

Workers transfers and Development in Jordan

30 November 2015
Amman, Jordan



كلمة معالي الدكتورة ريما خلف

وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا

عمان ، 30 نوفمبر 2015

في الندوة المنعقدة حول تحويلات العاملين والتنمية في الأردن

 

معالي الدكتور زياد فريز، محافظ البنك المركزي الأردني

أصحاب المعالي والسعادة،

الحضور الكريم،

 

يشرفني أن أشارك في افتتاح هذه الندوة حول تحويلات العاملين والتنمية في الأردن. وأود، في مطلع كلمتي، أن أعرب عن بالغ تقديري لمعالي محافظ البنك المركزي الأردني لاستضافتنا اليوم ولإيلاء موضوع تحويلات العاملين الأهمية التي يستحقها في هذه المرحلة المفصلية في العمل التنموي في منطقتنا، وفي العالم.

فمنذ شهرين، أقرت دول العالم مجتمعة خطة جديدة وطموحة للتنمية المستدامة تهدف إلى بناء عالم أفضل خال من الفقر ومن عدم المساواة المجحفة، وإلى حماية كوكب الأرض من تداعيات التغير المناخي الذي يتهدده، ويضر بمصالح الأجيال القادمة. ويتطلب تنفيد أجندة التنمية لعام 2030 قدراً ضخماً من التمويل والاستثمار مما يستدعي توظيف جميع الوسائل،  وأهمها  تعبئة الموارد المالية، وتوطين التكنولوجيا والاستثمار في القدرات، لتحقيق هذه الغاية. وتُعتبر تحويلات العاملين مصدراً هاماً من مصادر التمويل للأجندة التنموية العالمية الجديدة.

وقد أقرت خطة عمل أديس أبابا الصادرة عن المؤتمر الدولي الثالث لتمويل التنمية بما للمهاجرين من مساهمة في تحقيق النمو الشامل، والتنمية المستدامة، في بلدان المنشأ وبلدان المقصد. وتتميز تحويلات العمال المهاجرين بالثبات والديمومة، وبتدني تأثرها بالاعتبارات الأمنية والسياسية، مقارنة بالتدفقات المالية الدولية الأخرى، مثل الاستثمار الأجنبي المباشر أو المساعدات الانمائية الرسمية. وإدراكاً لذلك، دعت خطة عمل أديس أبابا إلى إتاحة الخدمات المالية المناسبة لتيسيير انتقال هذه التحويلات وإزالة العقبات أمامها. ووضعت خطة التنمية المستدامة لعام 2030، هدفاً يقضي بخفض تكاليف تحويلات المهاجرين إلى أقل من 3 في المائة بحلول عام 2030.

الحضور الكريم،

تشهد تحويلات العاملين العرب إلى المنطقة العربية زيادة مطّردة، إذ ارتفعت قيمتها من 15 مليار دولار في عام 2002 إلى حوالي 51 مليار دولار في عام 2014، متخطية بذلك إجمالي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في ذلك العام. كما تشكل تحويلات العاملين نحو 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان العربية المصدرة للقوى العاملة.

وإزاء أهمية الدور الذي تؤديه تحويلات العاملين في تخفيف حدة الفقر، ورفع مستوى المعيشة  في المنطقة العربية، أعدت الإسكوا دراسات تحليلية حول الأطر القانونية والتنظيمية للهجرة، ودور البنوك في تسهيل التحويلات، والآثار الاقتصادية والاجتماعية للأموال الواردة. ويتضح من نتائج الدراسات أن تحويلات العاملين تُستخدم في معظمها لتمويل الاستهلاك، وتغطية نفقات التعليم والرعاية، للعائلات المتلقية. أما نسبة ما يتمّ استثماره،  فلا تشكل سوى جزء ضئيل مما تتلقاه البلدان العربية سنوياً. ويُعزى ذلك لأسباب عدة، منها ضعف العلاقة المؤسسية بين الجاليات العربية والوطن، وعدم توافر قواعد بيانات شاملة حول العاملين في الخارج، ونقص المعلومات حول فرص الاستثمار المتاحة للمغتربين، إضافة إلى الضعف النسبي في الأدوات المالية والمصرفية التي تمكن من زيادة دور هذه التحويلات في تمويل التنمية.

واستناداً إلى نتائج هذه الدراسات، طورت الإسكوا رؤية جديدة لمساعدة الدول العربية في تعبئة مدخرات العاملين في الخارج، واستثمارها في خدمة خطط التنمية في أوطانهم، بما يضمن حقوق المغتربين، ويحقق عائداً هاماً للاقتصاد في آن. وستعرض هذه النتائج في الجلسة الأولى لأعمال ندوتنا.

وبهدف مساعدة الدول في زيادة حصة الاستثمار من التحويلات، قدمت الإسكوا الدعم لإنشاء لجنة إقليمية تعنى بشؤون الهجرة والتنمية وتضم في عضويتها سبع دول عربية. كما قدمت الدعم لإنشاء لجان وطنية في لبنان والسودان، بهدف تبادل الخبرات وزيادة التنسيق فيما بين البلدان العربية ومع المنظمات الدولية في مجال الهجرة والتنمية.

الحضور الكريم،

منذ إطلاق الأهداف الإنمائية للألفية، حققت المنطقة العربية الكثير من الإنجازات كان أهمها في مجال محو الأمية، وفي تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع مراحل التعليم، وفي تخفيض معدلات وفيات الأطفال وحماية صحة الأمهات. إلا أن هذه المكاسب لم تشمل الجميع بالتساوي، لا بل كان التراجع من نصيب بعض المؤشرات في بعض البلدان، ولاسيما تلك التي شهدت نزاعات في الآونة الأخيرة، كسوريا والسودان والعراق. أما في فلسطين، فتبقى آفاق التنمية مقيدة بالاحتلال الإسرائيلي الذي يُمعن في تدمير ما تبقى من مقوّمات الحياة في الاقتصاد والمجتمع، بقصد تهجير السكان، وخلق واقع ديمغرافي جديد، يكرس الاستيلاء على الأرض ويؤبد احتلالها.

وعلى صعيد المنطقة العربية ككل، تشير الأرقام إلى أنها أخفقت في إيجاد فرص للعمل اللائق للأعداد المتزايدة من العاملين. فمعدل البطالة اليوم يفوق ما  كان عليه في عام 1990، حيث بات ربع الشباب وخُمس النساء، بدون عمل يوفر لهم عيشاً كريماً.

ورغم عدد من الإنجازات عبر العقود الماضية، لا تزال الدول العربية تواجه تحديات قاسية في الأمن والسياسة والتنمية. ويتوقف الكثير مما سيؤول إليه مستقبلنا، على الطريق التي نختارها اليوم. المنطق يقول إن علينا البناء على ما أنجز والمضي إلى المستقبل. لكن في زمن الارتباك العربي الكبير الممتد من ليبيا إلى اليمن، والذي أطاح بمنجزات عقود من التنمية لبعض البلدان، بات الواقع يملي علينا، بداية، الحفاظ على ما أنجز، وتحصينه لنتمكن لاحقاً من البناء عليه، تحقيقاً للمستقبل الذي نريد والذي نستحق. وهذا لن يتأتى إلا بتعزيز أركان الحكم الاقتصادي الصالح، وتعزيز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، والقضاء على التهميش الاقتصادي والإقصاء السياسي. 

الحضور الكريم،

تشير تقديرات الإسكوا إلى أن الفجوة بين ما هو متوقع من متطلبات، لتمويل مشروع التنمية المستدامة، وما هو متوقع من تدفقات مالية،  تبلغ 3,6 تريليون دولار للفترة 2015 – 2030. ولا يشمل هذا التقدير كلفة إعادة إعمار البلدان العربية المتضررة من الصراعات الجارية.

ويمكن تضييق هذه الفجوة من خلال إجراءات تتخذ على أكثر من صعيد، مثل رفع الكفاءة الضريبية، ومكافحة التهرب من الضريبة، ومعالجة أسبابه.  وتشير الأرقام إلى أن نسبة العائدات الضريبية من الناتج المحلي الإجمالي، لا تتجاوز 15 في المائه في كل من الأردن ومصر، بينما تبلغ 35 في المائة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي للتنمية.  أما نسبة التهرب من الضريبة فتصل إلى 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في بعض البلدان العربية.

ومن شأن تحسين بيئة مزاولة الأعمال في المنطقة العربية، جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتي هبطت  في 2014  إلى أقل من نصف مستواها في عام 2008. كما يمكن اتخاذ الإجراءات المناسبة لتحقيق استغلال أمثل للسيولة المصرفية التي بلغت أكثر من 400 مليار دولار في بعض الأعوام السابقة، وتحويل جزء منها لتمويل الاستثمارات المتوسطة والطويلة الأجل.

ومن ناحية أخرى تتيح السندات والصكوك الإسلامية، فرصة لتعبئة المزيد من الموارد المالية محلياً ودولياً، حيث من المتوقع أن تشهد سوقها نمواً كبيراً في الأعوام المقبلة. وقد بلغ معدل النمو السنوي للسندات الإسلامية 42 في المائه في الفترة 2005 – 2012، وبلغ حجم إصدارات الصكوك الإسلامية 120 مليار دولار في عام 2013.

الحضور الكريم،

إضافة إلى هذه الإجراءات، بإمكان البلدان العربية تعبئة المزيد من مدخرات العاملين في الخارج، وتوجيهها إلى الاستثمار بما يخدم خطط التنمية المستدامة، ويضمن حقوق المغتربين، ويحقق عائداً كبيراً على الاقتصاد. وللمساهمة في تحقيق ذلك، تلتزم الاسكوا باستكمال ما بدأته من عمل في بناء شراكات استراتيجية موسّعة دعماً لجهود الدول العربية الأعضاء في توسيع دور المهاجرين في تنمية بلدانهم، وتوجيه مدخراتهم وتحويلاتهم لتعظيم العائد لهم ولأوطانهم. وتنطلق الإسكوا في عملها هذا من مبدأ المسؤولية المشتركة، وبعزم متجدد لاستغلال كل ما للمنطقة من طاقات في الداخل وفي الخارج، بهدف بناء المستقبل الذي ينشده الجميع على أساس حقوق الإنسان والمساواة والاستدامة.

أرحب بكم جميعاً، وأكرر شكري لمعالي محافظ البنك المركزي الأردني لدعوته إلى هذا الاجتماع، وتوفير جميع أسباب النجاح له. وأتمنى لكم ولاجتماعنا كل النجاح والتوفيق.

 

Speeches by: