Skip to main content

Women in Public Life: From Policies to Impact (in Arabic)

8 December 2015
Manama, Bahrain


كلمة الدكتورة ريما خلف

وكيلة الأمين العام والأمينة التنفيذية للإسكوا

المؤتمر الدولي: إدماج احتياجات المرأة فى التنمية

 

صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة آل خليفة،

معالي الشيخ أحمد آل خليفة،

أصحاب المعالي والسعادة،

الحضور الكريم،

تحية للبحرين، للبلد المسمى باختلاط ماءين، ينبع عذبهما من المالح، وسهلهما من الصعب. تحية للبلد الجامع، المبني ماضيه ومستقبله على التعدد والتنوع، ولشعبه التواق إلى غده والسباق إلى تعليم بناته كما أبنائه، وإلى إعلاء شأن نسائه. 

تحية لكم جميعاً، وشكراً موصولاً للمجلس الأعلى للمرأة، وعلى رأسه سمو الأميرة سبيكة آل خليفة، لدعمه قضايا المرأة ورعايته هذا المؤتمر.

 الحضور الكريم،

نجتمع اليوم لننظر في حال المرأة العربية، ونتدارس السبل الكفيلة بتعظيم مشاركتها في الحياة العامة. وخير مفتتح لحديثنا هو الاحتفاء بالنساء العربيات وبعطائهن، وبالإنجازات الكبيرة التي حققنها في مختلف ميادين العلم والعمل، في الاقتصاد والاجتماع والسياسة.

في السياسة، اتسع حضور المرأة وتميز أداؤها. فها هي تشارك اقتراعاً وانتخاباً، وتتبوأ مناصب قيادية في المجالس الوزارية والنيابية بنسب تتخطى في بعض الحالات العلامة المرجعية التي حددها منهاج عمل بيجين. وتجاوزت مشاركة المرأة العربية الأرقام والأدوار النمطية، فوصل تمثيلها في حكومات بعض الدول إلى أكثر من 20 في المائة، وقارب حضورها في السلك القضائي والدبلوماسي العربي المتوسط العالمي.

وفي الاقتصاد، ازدادت مساهمة المرأة داخل الأسرة وفي سوق العمل. وها هي تشغل مواقع قيادية في كبرى مؤسسات القطاعين العام والخاص، وتبرز في ريادة المشاريع متخطية الكثير من العقبات والتحديات. ولا نغفل الدور الحيوي الذي تقوم به المرأة في الرعاية غير المدفوعة الأجر، والتي تقدر مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بين 10 و50 في المائة . 

اصحاب المعالي والسعادة،

 

ما كان لكلّ هذا أن يتحقق لولا الجهود المكثفة التي بذلتها دولنا العربية لتعليم الفتيات وتمكينهن، وتعزيز مشاركة المرأة في السياسة والاقتصاد. وقد شهدت الفترة الأخيرة إصلاحات تشريعية وقانونية كرست للمرأة مساواة مع الرجل في التماس العدالة لحماية حقوقها. كما قام عدد من الدول العربية بإدخال تعديلات على قوانين العمل لتحقيق المساواة في الأجور بين المرأة والرجل، وسن قوانين جديدة لمكافحة العنف ضد المرأة، ما ساهم في خلق بيئة مؤاتية ومشجعة لمشاركة المرأة في الحياة العامة. 

ويعود جزء من الفضل في تحقيق هذه الإنجازات، للآليات الوطنية للمرأة، وللحركات النسائية التي ناضلت لفرض مبدأ المساواة في الدساتير، ولسن قوانين وتشريعات تحمي المرأة من العنف والتحرش والتمييز، فكسرت الحاجز الثقافي وعززت نهجاً علمياً لتحرير المرأة بدأ يؤتي بعض ثماره.

إن كان ما سبق هو ما أنجزته الحكومات والمؤسسات شبه الرسمية، فإن هناك إنجازات مقدرة جاءت من المجتمع، وحققتها المرأة بجهدها الذاتي. فلم يعد في بلداننا تخصص علمي، من طب وهندسة وعلم وقانون، إلا وأقدمت عليه فتياتنا؛ ولم يعد من مسمى وظيفي، في القضاء والأمن والوزارة والنيابة، إلا وارتادته نساؤنا، وأبدعن فيه.  والمرأة العربية باتت تشارك بقوة في مؤسسات المجتمع المدني. وكان للمرأة التونسية  المشاركة في المؤسسات المكونة لتحالف رباعية الحوار، حصة كبيرة من التقدير عندما حازت على جائزة نوبل للسلام. أما في غير حال السلام، فإن المرأة الفلسطينية المرابطة حماية للمسجد الأقصى تقوم مقام جيوش الأمة، وهي ترد الغاز المسيل للدموع بشالها، والرصاص بالصبر، والخذلان بالاستغناء.

السيدات والسادة،

إذ نهنئ أنفسنا على كثير أنجز، نتذكر أن ما يجب إنجازه أكثر. فالمنطقة العربية ما زالت تحتل أدنى مستوى في العالم من حيث الفجوة بين الجنسين في السياسة والاقتصاد.  ولا  تزال مشاركة المرأة العربية في سوق العمل هي الأقل في العالم، إذ لا تتجاوز 23 في المائة بينما يبلغ المتوسط العالمي 50 في المائة.  وتُعتبر مشاركة المرأة السياسية التي وصلت إلى 19 في المائة متدنية مقارنة بمناطق أخرى من العالم.

وتزداد الفجوة النوعية بين الجنسين وتتعمق معاناة النساء في ظل الاحتلال الأجنبي والحروب الأهلية التي باتت تهدد حياة ومستقبل ما يزيد على ثلث العرب. وإن نساءنا ليتحملن ما لا يحتمل. فمنهن المرأة الفلسطينية التي تعيش تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي وتواجه عنفه اليومي ضدها وضد أطفالها. ومنهن التي تناضل من أجل حرية الكلمة وحقوق الإنسان لجميع أبناء وطنها وبناته فتعتقل لا لشئ إلا لإبداء رأيها.  ومنهن المرأة التي لم تعارض أحداً ولم تغادر بيتها ولكن بيتها غادرها حين أقنعته قذيفة أجنبية أو برميل متفجر أو سيارة مفخخة بذلك. ولا ننسى المرأة اللاجئة التي تركت بيتها هرباً من ويلات الحروب، فتوجهت إلى بلد مضيف طلباً لحماية غالباً ما يعجز عنها بلد بمفرده، أو وقعت في قبضة مُتاجر بالبشر يخضعها لسلسلة من أشكال الاستعباد. 

وإن كانت الحكومات بذلت جهدا مشكورا فهو لم يرق إلى ما تستحقه هاتيك النسوة وأندادهن في سوريا والعراق وليبيا واليمن وسائر بلدان العالم العربي، ذات الحرب وذات السلم، وذات الحال بين الحالين.

وهنا نسأل أنفسنا: لماذا لم تثمر جهودُنا تغييراً شاملاً؟

الحضور الكريم،

إن ما تمر به الأمة من استباحة خارجية، وصراعات طائفية مقيتة، وحروب أهلية مدمرة، بات يشكل خطراً لا على نسائها فحسب، بل على رجالها ونسائها وأطفالها، وعلى مستقبلها، بل وعلى قدرتها على البقاء.  إن التمييز بين الناس، بناء على ما لم يختاروه لهو الظلم بعينه. هو ظلم بحق الذين يقع التمييز ضدهم، وهو ظلم بحق سائر المجتمع الذي ينكمش إلى طوائف متخاصمة متحاربة، تغتال المستقبل، وتقوض فرص النهوض، بل حتى العيش الآمن، للجميع دون استثناء.

إن الظلم اللاحق بالمرأة، ظلم مضاعف. ففي جانب منه، هو ظلم خاص بها حصراً، وفي جانب آخر هو فرع من الظلم اللاحق بالناس جميعا رجالهم ونسائهم.  وإن المجتمع المقموع بعضه،  يتشرب الظلم تشربا فيتخلله، كما يتخلل الدخان هواء غرفة بلا نوافذ فيفسده. فلنبدأ برفع الظلم المضاعف عن المرأة والذي لا نراه يكتمل إلا برفع الظلم عن مجتمعاتنا كلها. ولنعمل معاً على النهوض بالمرأة، لأن فيه نهوضاً بالمجتمع كله. فلن يتسنى لهذه الأمة أن تواجه جميع التحديات المستجدة والمتصاعدة، ولا حتى جزءاً منها، بنصف قوتها، وإن كانت قوتها كلها بنصفيها ليست بخير حال. فلنعمل معاً على تمكين نسائنا لأن هذا حق أصيل لهن. ولنعمل على زيادة مشاركتهن في التنمية لأن التنمية المنشودة بأمس الحاجة لجهدهن، ولن تتحقق بغيابهن، أو بتهميشهن.

فلنسترجع قيمنا الأصيلة في الحق والعدل والإنصاف، ولنتحلَّ بالجرأة والمثابرة لإحداث تحولات شاملة ومستدامة، تنصف المرأة، وتعيد إلى المجتمع مناعته وقوته كاملة غير منقوصة.

أتمنى للجميع لقاءً مثمراً ولاجتماعنا كل النجاح والتوفيقً،

Speeches by: