الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في جامعة الدول العربية
معالي الوزيرة السيدة أمة الرزاق علي حمد، رئيسة الدورة الموضوعية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب،
معالي الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية،
معالي الدكتورة سيما بحوث، رئيسة المكتب الإقليمي للدول العربية بصندوق الأمم المتحدة الإنمائي
معالي السيدة فائقة الصالح، الأمين العام المساعد للشؤون الاجتماعية
أصحاب المعالي الوزراء وممثلي الدول العربية بجامعة الدول العربية،
أشكر لكم دعوتي للمشاركة في افتتاح أعمال الدورة الموضوعية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، وأتطلع دائماً إلى مزيد من التعاون المثمر مع مجلسكم الموقر لتحقيق الأهداف والغايات الاجتماعية لدولنا. ويطيب لي أن أتقدم من معالي الدكتور نبيل العربي بجزيل الشكر والامتنان لدعمه جهودنا المشتركة في إعداد تقرير الأهداف الإنمائية للألفية في المنطقة العربية لعام 2013. كما أتوجه بالشكر لقطاع الشؤون الاجتماعية، وعلى رأسه معالي السيدة فائقة الصالح، لما يبذله من جهود دؤوبة في مواجهة التحديات الاجتماعية في الدول العربية في المرحلة الراهنة. ولا يفوتنى أن أشكر مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية التي قدم أعضاؤها مساهمات أثرت مضمون هذا التقرير.
الحضور الكريم،
إعلان الألفية والأهداف المنبثقة منه، وضع تصوراَ لتحقيق أهداف وغايات إنمائية محدّدة لتحسين حياة الإنسان في فترة خمسة عشر عاماً. وقد التقت الدول العربية مع جميع دول العالم على الالتزام الثابت والمعلن بتحقيق هذه الأهداف، وأكدت التزامها بها في مناسبات عدة، أبرزها مؤتمرات القمة العربية التنموية في الكويت، وشرم الشيخ، وأخيراً في الرياض في أوائل هذا العام.
والتطورات المتسارعة التي مرت بها المنطقة العربية في الأعوام الأخيرة لم تثنَ دولنا عن المضي بالتزاماتها. وهي تعمل، مدعومةً من جامعة الدول العربية وقطاعاتها المختلفة، ومنظمات الأمم المتحدة، على تحقيق الأهداف ومتابعتها.
والتقرير الذي نضعه بين أيديكم اليوم، هو الأخير، قبل انقضاء المهلة المحددة لتحقيق الأهداف. وهو يلخص ثمرة الجهود المبذولة على مدى الفترة الماضية، وما سجلته من إنجازات وما اصطدمت به من عقبات، قد تكون كثيرة، في منطقة كان لها نصيب كبير من تداعيات الاحتلال وعدم الاستقرار والصراع. كما يطرح التقرير رؤية لما بعد عام 2015.
ونحن قد نكون اليوم أمام الفرصة الأخيرة لتقييم إنجازاتنا في إطار هذه الأهداف. ولكن فرصة تحقيقها كاملة لم تفت. ومشروع التنمية هو مشروع نهج شامل لن يتوقف في عام 2015، بل سيتواصل في إطار جديد نحو رفاه الإنسان في جميع نواحي الحياة وبجميع السبل المتاحة، وفي كل زمن.
الحضور الكريم،
تلاحظون في هذا التقرير أن الإنجازات المحققة كثيرة. إنجازات في تعميم التعليم الابتدائي، في التقدّم نحو محو الأمية، في تحقيق المساواة بين الجنسين في الالتحاق بالتعليم في جميع مراحله، وفي تخفيض معدلات وفيات الأطفال وحماية صحة الأمهات.
ونحن اليوم، إذ ننوّه بما حققته دولنا من إنجازات، لن تغيب عن بالنا التحديات التي لا تزال ماثلة أمامنا، وهي كثيرة. نحن أمام توقعات تشير إلى معدل بطالة في عام 2013 يفوق المستوى الذي كانت عليه في عام 1990، وإلى حالة سوء تغذية يعاني منها خمسون مليون شخص، أي أكثر بعشرين مليون شخص مما كان عليه العدد في عام 1990. وقد اشتدت أزمة المياه في بعض الدول العربية، حتى باتت تعاني من نقص حاد في توفر مياه الشرب وبخاصة في الأرياف. ولا تزال مؤشرات مشاركة المرأة في الحياة السياسية متدنية في معظم الدول العربية، وذلك رغم مشاركتها الكثيفة والواسعة في المراحل الأولى من التغيرات السياسية.
الحضور الكريم،
في ضوء دراسة تجربة السنوات الخمس عشرة الماضية، يدعو التقرير إلي اعتماد نموذج إنمائي جديد، يربط بين مسارات العمل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بحيث يكون التقدم في أيّ مسار دعامة للتقدّم في المسارات الأخرى. ويقترح التقرير إعادة نظر في السياسات الاقتصادية، بهدف إنشاء بني اقتصادية أكثر تنوعاً تعزز النمو الشامل الذي يؤدي إلى وفرة في فرص العمل اللائق، والمتوازن لجميع شرائح المجتمع، ويدعو إلي التفكير بشكل جدي في قضايا الاستدامة في أنماط الانتاج والاستهلاك. ويقترح التقرير البناء على ما أنجز سابقاً لاحداث نقلة في مفهوم التقدّم، تسمح بتجاوز التركيز على التقدم الكمي إلى الاهتمام بالجوانب النوعية المتعلقة بالجودة خاصة في المجالات الاجتماعية.
وأيّ نموذج إنمائي جديد لن يُكتب له النجاح الكامل ما لم يتزامن مع إصلاح في نظم الحكم والإدارة. ولعل غياب هذا البعد عن أهداف الألفية يفسر نزول الملايين إلى الشارع، حتى في البلدان التي سجلت أهم الإنجازات، مطالبين بالتغيير في مؤسسات الدولة ونظم الحكم، وبعقد اجتماعي وسياسي جديد يكرّس الحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
الحضور الكريم،
"منطقتنا عند مفترق طرق"، عنوانٌ غنيٌ عن الشرح، يختصر مضمون التقرير الذي بين أيديكم اليوم، لا بل يرسم صورة معبّرة عن وضع المنطقة في المرحلة الراهنة. فالتغييرات السياسية غير المسبوقة التي انطلقت في المنطقة، هي مصدر فرص وتحديات. والأهم أنه يحمل فرصة فريدة لدولنا لإجراء الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية اللازمة ، فرصة تعزز الأمل بالإسراع في التقدم نحو أهداف الألفية خلال الفترة الوجيزة التي لا تزال تفصلنا عن انتهاء المهلة المحددة لتحقيق هذه الأهداف.
أصحاب المعالي والسعادة،
ختاماً، نأمل أن يقدم التقرير الذي سيقوم زميلي عبد الله الدردري كبير الاقتصاديين في الإسكوا بعرضه عليكم بعد قليل بالتفصيل، رؤية نرجو أن تساعد في مواجهة تحديات الفترة المتبقية لتحقيق أهداف الألفية، وأن تتيح لنا فرصة للتفكير في مرحلة ما بعد 2015 والتوجهات والأهداف التي ترتأون السير بها في المستقبل.
ويقيني أن منطقتنا لن تضيع فرصة للارتقاء بمؤسساتها وشعوبها إلى مستوى دول نجحت في مواجهة تحديات التنمية وحققت الكثير من الإنجازات في ظروف أصعب وبموارد أقل.
شكرا لكم.