Skip to main content

Launch of ESCWA Technology Centre

15 October 2011



افتتاح مركز الإسكوا للتكنولوجيا

دولة رئيس الوزراء، الأستاذ عون الخصاونه،
مندوب راعي الحفل جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم

صاحبة السمو الملكي الأميرة سمية بنت الحسن،
رئيسة الجمعية العلمية الملكية

أصحاب المعالي والسعادة،

أعضاء مجلس المحافظين لمركز الإسكوا للتكنولوجيا، ممثلي الدول الأعضاء في الإسكوا،

الحضور الكريم،

أسعد الله صباحكم جميعاً،

يسرني أن أفتتحَ معكم اليوم مركزَ الإسكوا للتكنولوجيا هنا في عمّان، هذه المدينة العريقة بماضيها، والمزدهرة بحاضرها، والمضيئة بمستقبلٍ نراهُ دائماً منفتحاً على كلِّ جديد.

أود بدايةً أن أشكر الأردن ملكاً وحكومةً وشعباً على استضافته الكريمة لهذا المركز وهو أول مركزٍ تنشئه اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا خارج مقرها.

والإسكوا هي من اللجان الإقليمية الخمس التابعة للأمم المتحدة، وقد أنشأتها المنظمة الدولية ليكون لها حضورٌ إقليمي في المنطقة، ولتكون قريبةً إلى تطلّعات شعوبها وحاجاتهم.

ورسالةُ الإسكوا منذ أنشئت، هي التنمية الاقتصادية والاجتماعية بجميع أبعادها، في منطقة لها دورٌ استراتيجي في الاقتصاد العالمي بما تملكه من إمكانات وموارد، ولها أيضاً نصيبٌ كبير من الحروب والاحتلالات، ومن الصراعات والنزاعات، ومن جميع أنواع العواصف والاهتزازات الاقتصادية والبيئية التي يشهدها العالم. والتنمية الاقتصادية والاجتماعية يصعب أن تتحقق بجهود كل بلد على حدة، بل تتطلب تعاوناً وتكاملاً حقيقياً بين بلدان المنطقة. وهذا التكامل هو في صُلب رسالة الإسكوا.

الحضور الكريم،

اجتماعُنا اليوم في هذه المناسبة هو دليلٌ على حِرص اللجنة على مواكبة جميع التطوّرات والابتكارات التي يشهدها العالم لدعم التنمية في بلداننا. فقد باتت التكنولوجيا اليوم عنصراً أساسياً في كل مشروع إنمائي أياً كان حجمه. وبات من غير الممكن الحديث عن تنمية من غير تكنولوجيا. ففي التكنولوجيا تنوّعُ مصادر المعرفة، ومنهلُ معلومات لا ينضُب. وفي التكنولوجيا فرصٌ لمكافحة الفقر، وأدواتٌ لزيادة الإنتاجية. وفي التكنولوجيا دعمٌ للاقتصاد بموارد وإمكانات لا تتأتى دونها.

ومنطقتنا، بعد أن كانت في الماضي مركزاً للإبداع والابتكار ومنارةً للريادة العلمية مع أعلام من مقام ابن سينا وابن الهيثم وجابر بن حيان، هي اليومَ متأخرة كثيراً عن التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم. وتعاني بلداننا من نوع من التبعية التكنولوجية، إذ تعتمد على استيراد الوسائل والمعارف على أساس الحاجة المطلقة إليها وليس على أساس كفاءتها النسبية في تلبية متطلبات الإنتاج السلعي والخدمي.

ويزداد الوضع تعقيداً في ظل عدم توفر ظروفٍ دولية مشجعة لنقل التكنولوجيا من البلدان المتقدّمة التي تملك هذه التكنولوجيا إلى البلدان التي هي في أمس الحاجة إليها. ومع أن العديد من بلداننا تبذل قُصارى جهدِها لنقل التكنولوجيا، لا يزال ما تحقق في الواقع أقل بكثير من الاحتياجات، وما زالت التكنولوجيا التي تنقل نادراً ما توطّن. ونقل التكنولوجيا يكاد يقتصر على مستويات دنيا من المعرفة التكنولوجيّة. وإذا حصل في بعض الأحيان على مستويات أعلى، غالباً ما يكون ذلك في إطار مؤسسات لا تنتمى إلى بلدان المنطقة، بل هي مراكز لاقتصادات البلدان الصناعية المتقدمة، فيها.

ومع أن عدداً من بلدان المنطقة يملك الإمكانات المالية، لا يُخفى على أحد أن المعرفة التكنولوجيّة المتقدمة ليست كأي سلعة متوفرة في السوق الدولية يمكن الحصول عليها لقاء مبلغ مالي، بل يخضع تداول المعرفة التكنولوجيّة لقيود وضوابط كثيرة. فالمعرفة التكنولوجيّة المتقدمة محتكرة في الكثير من الأحيان، وامتلاكُها يكاد يقتصر على أقطاب دولية معينة.
والإسكوا إذ تدرك واقعَ التكنولوجيا وأهميتَها في جميع قطاعات الاقتصاد والمجتمع وفي جميع مجالات الحياة، وواقعَ المنطقة من حيث امتلاك هذه التكنولوجيا وتوطينها وتكييفها، رأت من الضروري أن تضيف إلى عملها ما يتصدى لتحديات هذا الواقع. ومن هذا المنطلق، اتخذت اللجنة قراراً بإنشاء مركزٍ للتكنولوجيا، تكرّمت المملكة الأردنية الهاشمية باستضافته. وها نحن اليوم نجتمع بمناسبة افتتاحه.

والهدف من إنشاء هذا المركز هو مساعدة الدول الأعضاء في الإسكوا والمنظمات العامة والخاصة فيها، في اكتساب الأدوات والقدرات اللازمة للارتقاء بالمنطقة إلى مستوى تكنولوجي رفيع، وتمكينها من تحقيق التكافؤ التكنولوجي مع الدول والمناطق الأخرى في العالم، والإسهام في تحويل اقتصادات البلدان الأعضاء إلى اقتصادات تقوم على المعارف العلمية والتكنولوجية. ولتحقيق ذلك سيقوم المركز بدراسة السبل الكفيلة بالاستفادة من التكنولوجيا لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ وتقديم الخدمات الاستشارية؛ والعمل على إقامة الشراكات والشبكات مع المنظمات الإقليمية والدولية بما يمكن من تطويع التكنولوجيا وتوطينها خدمةً لاقتصادات المنطقة ومجتمعاتها.

وإننا نأمل أن يسهم هذا المركز في تجديد التزام البلدان الأعضاء في الإسكوا بتعزيز المنظومة التكنولوجيّة والعمل على الاستفادة المثلى منها لخدمة الجهود الإنمائية في كل من البلدان الأعضاء، وفي المنطقة ككل.

ولا شك في أن تحقيق هذه الغاية يتطلب الكثير من العمل والجهد ولكنه ليس ببعيد المنال في منطقة تملك ذُخراً كبيراً من الموارد البشرية والمادية التي طالما شكلت رافداً للاقتصاد العالمي. غايتنا إنشاءُ مجتمع للمعرفة محورُه الإنسان وهمومُه وتطلّعاتُه. فالجامعات تخرج كلَّ سنة الآلاف في أحدث مجالات العلم والتكنولوجيا. واستيعابُ طاقات هؤلاء يتطلب قطاعاتٍ إنتاجية ناشطة، قد لا تأتي بالربح السريع ولا تَظهرُ نتائجُ عملها في وقت قصير، لكنها تكون مع الوقت مصدرَ نموٍ مستقر لاقتصاداتنا، ووسيلةً لتحقيق التنمية المنصفة في مجتمعاتنا.

وفي هذا السياق، لا يسعني إلا أن أؤكد من جديد على ضرورة التعاون بين بلدان المنطقة في مجال نقل التكنولوجيا وتوطينها. فهذا التعاون لم يعد خياراً، بل أصبح حاجةً ملحة لم يعد بالإمكان غضّ النظر عنها. وتوطيد هذا التعاون هو في صُلب اهتماماتنا في الإسكوا، وتقديري أنه سيكون من أولويات المركز. فلا بدّ من أن يكون وضعُ القواعد والأسس للتكامل العربي التكنولوجي من أولى مهام هذا المركز، ليكون المحرك لتبادل التجارب والخبرات وأفضل الممارسات، ولتنفيذ مشاريع نقل التكنولوجيا وتوطينها في المجالات الحيوية للمنطقة.
ومشروع التكامل في المنطقة ليس جديداً، لكننا لم نحقق منه الكثير حتى الآن. واليوم يَفرِضُ هذا التكامل نفسَه علينا في أكثر من مجال، في البيئة والتكنولوجيا، في إدارة الموارد ومواجهة التحديات، وفي الانفتاح والعولمة، فلنكن مستعدين. لعلّ التنمية تنجح حيث أخفقت السياسة.

الحضور الكريم،
إمكاناتُ النجاح كثيرة. علينا أن نطوعَّها ونستفيد منها لخدمة الرسالة الإنمائية بجميع أبعادها وعناصرها. فغايتنا هي صناعةٌ تكنولوجيّة مزدهرة لخدمة شعوب المنطقة ورفاههم.

أكرر شكري للأردن على استضافة المركز وأتمنى لهذا المشروع أن يكون مشروعَ تعاونٍ مثمر لخير المنطقة وشعوبها، وأن تكون انطلاقتُه بدايةً للمزيد من التكامل والتضافر.

شكراً لحضوركم.

Speeches by: