Skip to main content

International Women's Day 2016

10 March 2016
Beirut, Lebanon



كلمة الدكتورة ريما خلف

وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة

والأمينة التنفيذية للإسكوا

في مناسبة اليوم العالمي للمرأة

بيت الأمم المتحدة

 

أصحاب المعالي والسعادة،

السيد راغب علامة، سفير النوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة،

السيدة إليز سالم، نائبة رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية،

السيدة نادين الراسي،

الزملاء والزميلات ممثلو وكالات الأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني،

الحضور الكرام،

 

شَجاعة نغمة الغناء في رهبة السكون بعد هدوء القصف.  شَجاعة تقول إن ثمة أملاً ومعنى للبقاء، وإن في البشر جمالاً، ولو أحاط بهم القبحُ من كل صوب.  نحن، في يوم المرأة، ممتنون لحضوركم، أهل فن وفكر وأدب وسياسة.  وقد جمعنا تمسك ثابت بالحق، وإيمان راسخ بالمساواة بين الرجال والنساء في الجدارة الإنسانية.

الحضور الكرام،

نلتقي اليوم احتفالاً واحتفاءً وتضامناً،

نحتفل باليوم العالمي للمرأة،

نحتفي بإنجازاتها،

نتضامن معها ضد ظالميها.

نحتفل، والاحتفال في زمن الصعوبة صعب، لكنه ضروري، كما قال صاحبا جبال الصوان، الأخوان الرحباني: " لنرجّع الفرح"، والفرح قوة.

نحتفي بنساء عربيات أثبتن جدارتهنّ في الوطن والمهجر.  نساء تجاوزن الصعاب ومضين بخطوات ثابتة للمشاركة الفعّالة في الاقتصاد والاجتماع والسياسة.  نساء رائدات اجتزن الطريق الوعرة لنيل بعضٍ من حقوقهنّ على قدم المساواة مع الرجال، فأرسين بذلك دوراً محورياً للمرأة في النهوض بالمجتمعات وبناء الأوطان.

نحتفي بإنجازات المرأة العربية، وما أكثرها في العلم والأدب والفنون والفكر، وقبل هذه كلها، في البقاء.  فالبقاء في بعض بلداننا إنجاز.  بلدان، بات المكان فيها عابراً كالزمان.  أوطان مؤقتة، ولا أعني تغيّر خرائطها وحدودها، بل أعني تغيّر معناها عند أهلها، عندما لا تعود لهم مأمناً يستقرون فيه، بل خطر يلجأون منه إلى كل بر وبحر.

في البقاء، تنجز المرأة الفلسطينية الكثير، حين تتحايل على حاجز الاحتلال لتصل إلى عملها أو مدرستها، أو لتحمي أولادها.  تنجز الكثير حين ترابط في المسجد الأقصى، لتقوم مقام جيوش أمة انشغلت بقتال نفسها وإخوة لها.

في البقاء، تنجز المرأة السورية والعراقية والليبية واليمنية الكثير أيضاً، حين تعرف من أيّ حارة يأتي الخبز، ومن أيّ حارة يأتي الموت، ومن أيّ حارة يلوح بريق النجاة.  وتنجز الكثير المعجز، وهي تُطمئنُ طفلها باختراع القصص، حين يهتز القارب، أو حين يظهر شرطي الحدود خلف السلك الشائك.  تطمئنه، أو توهمه سيّان، بأن الجني دخان، وأن البحَّار راجع إلى بر لا محالة.

نتضامن مع المرأة، وحقها علينا أكثرُ من تضامن.  فما نحن وهي، إلا كنائلةَ التي مدت يدّها، أمام السيف، تحمي عثمان والأمة كلها من الهلاك.  فبقيت يدها رسالة ونذيراً.  امرأة حاولت بيد عزلاء، وبحب أهل بيتها، أن تحمي الأمة من أن تقطّعها السيوف، فتذرعت السيوف بها، وقطّعت الأمة.

نتضامن مع المرأة، ولا سيوف لنا.  بل ننادي بعالم بديل عن سيوف تجتمع على أذيتها إذا اجتمعت، وتفترق عن خذلانها إذا افترقت.  

الحضور الكريم،

يَحسُن بنا في يوم المرأة أن نتعلم منها غريزة البقاء، فنعرفَ العدو من الصديق ونتمسك بالمبادئ الإنسانية السامية، وبالقيم العربية العريقة في الأخوة والتضامن. ففي زمن الفتنة البغيضة، تُحرف الأولويات وتُشوه القيم.  فنرى من يجعل من أخيه عدواً، ومن يتخذ من المحتل الغاصب للديار والمقدسات حليفاً وصديقاً.

في زمن الفتنة نرى من يتعاون مع الغازي في حصار أخيه، ومن يرمي الناس جزافاً بتهم الكفر والخيانة والإرهاب، بينما الإرهاب الحقيقي يهدم حواضرنا، يقتلع فتياتنا من مقاعد الدراسة، يسبي نساءنا، ويعيدنا إلى عصر الظلمات.  في زمن الفتنة تظلم الأمة كلها، رجالاً ونساءً، فتياناً وفتيات.  تبدد أحلامهم وآمالهم في النهوض والعيش بكرامة.

الحضور الكرام،

بينما نحن نعيش زمناً يبدو مقفلاً على الغد بسحب النار والدخان، يعبر العالم مرحلة جديدة، بدأت بإطلاق خطة للتنمية المستدامة لعام 2030.  خطة بنيانها المساواة، وحقوق الإنسان، والحكم الصّالح.  خطة تقول لا تنمية دون مساواة بين الرجل والمرأة، تجعل من المساواة هدفاً لكل هدف.  فلنعمل معاً على تحرير نسائنا وفتياتنا من ظلم التمييز ومن طغيان الحاجة.  الحاجة إلى الطعام وإلى الصحة وإلى التعليم. والحاجة إلى الأمن الإنساني والمساواة أمام القانون.  ولنحاصر ثقافياً وقانونياً الخطابات المعادية للمرأة وللمساواة بين الجنسين، لعلنا نسهم في تحقيق العدالة في مجتمعاتنا ونسير في بلداننا نحو التنمية الحافظة للكرامة، والشاملة للجميع.  

الحضور الكرام،

إن المرأة هي الذاكرة.  فلننظر في عيون طفلات هذه الأمة وعيون أمهات شهدائها. فلننظر في عيون اللاجئات، وفي عيون الباقيات بين ركام اليوم، وركام الغد المحتمل، ولنهتدِ بها، فهي أهدى سبيلاً وأصدق دليلاً.

وشكراً.

Speeches by: