Skip to main content

International Day of Solidarity with the Palestinian People

27 November 2015


كلمة الدكتورة ريما خلف، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة

والأمينة التنفيذية للإسكوا

بمناسبة

اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني

27 تشرين الثاني/نوفمبر 2015

 

معالي الدكتور رياض المالكي، وزير خارجية دولة فلسطين،

معالي الدكتور حسن منيمنة، رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني،

أصحاب المعالي والسعادة،

الحضور الكريم،

       بين اجتماعنا هنا السنة الماضية واجتماعنا اليوم، استمرت اسرائيل في انتهاكاتها للقانون الدولي. استمرت في قتل المدنيين الفلسطينيين وحبس الأطفال وتعذيبهم. وصعدت في تدمير البيوت والحقول والممتلكات، وأمعنت في استغلال الموارد الطبيعية للفلسطينيين من معادن ومياه، وفي تلويث بيئتهم الحيوية.  كل ذلك في خرق سافر للمواثيق الدولية.

بين اجتماع  وآخر، تزداد المستوطنات وينقص الفلسطينيون.

شهداءُ كثيرون، والشهداءُ واحدُهم كثير.

منهم ابن السنوات الأربع، الذي استيقظ بعد تسعة أيام من الغيبوبة، ليسأل عن أبيه وأمه وأخيه الرضيع. من سيجرؤ أن يجيب هذا الطفل، أحمد الدوابشة، ويخبره أنه لن يراهم ثانية، لأن بعض المستوطنين قد قرر حرقهم؟ ومنهم جنين لم يعرف اسمه بعد، قضى في غزة، مع أمه وأخته ذات السنوات الثلاث بقذيفة من طيار إسرائيلي، ربما رأى أن مجرد ولادته خطر على أمن دولة إسرائيل.

الحضور الكريم،

تزداد المستوطنات ونظام الاحتلال الذي قتل الناس وسلب أرضهم يعتقد صلفاً أن القانون الدولي ينطبق على كل سواه. وها هو يصر على أن استعمار الأرض المحتلة وبناء المستوطنات لأصحاب ديانة معينة فيها، هو حق إلهي يعلو على حقوق الإنسان للآخرين كافة.

 قد يكون من المنطقي أن يطالب أحدهم بالتفاوض على آلية تناسبه لتطبيق القانون الدولي.  لكن أن يأخذ من القانون ما يناسبه فقط، ويضرب بالباقي عرض الحائط،  فهذه عجيبة ليس أغرب منها إلا التغاضي عنها.

ولا يكتفي النظام الإسرائيلي بخرق القانون، بل يطالب الضحية، شرطاً للتعاون معها، أن تصبح شريكته في الجريمة، وأن تشرّع له ما يمارسه بحقها من قتل وسلب،  ثم يهدد ويتوعد بارتكاب المزيد من الجرائم إن لم ينل  مبتغاه. استفحل الاحتلال وشرد المزيد من الفلسطينيين. أَوَلَم يكن هذا جوهر القضية من مبتدئها؟ غزاة يسلبون أهل أرض أرضهم، يقتلونهم، يحاصرونهم، ثم يسكنون ديارهم. هل كان السكوت عن كل هذا منذ عشرات السنين سبيلاً للسلام أو السلامة؟

      إن الغزاة، رغم طول العهد بهم، لم يدركوا أنهم كلّما ازدادوا في القتل ازداد الناس إصراراً على الحياة.  شباب فلسطين يرفضون منطق الاستعلاء بالقوة. لا يخافون مواجهة جنود الاحتلال وآلته العسكرية، ولا غطرسة مستوطنيه وعنصرية نظامه.  شباب فلسطين يُسقطون كل رهان على تعبهم واستسلامهم. في الضفة الغربية وغزة، رغم كثرة الوجوه الموشحة بشريط أسود والمعلقة صوراً على جدران البيوت، لم ينل رصاص الاحتلال يوماً من عزم الفلسطينيين ولا من عزيمتهم.

وفي القدس، اعتقدت سلطات الاحتلال أن سياسات التطهير العرقي والفصل العنصري ستغيّر طبيعة عاصمة فلسطين وشكلها، وستزيلُ عبق التاريخ من بيوتها وطرقاتها. وها هي  تصطدم مجدداً بأهل البلد، يردون الموت والإهانة بما ملكت أيديهم، لا ينتظرون أمراً من دولة ولا إيعازاً من تنظيم.

الحضور الكريم،

يصنف النظام الإسرائيلي البشر في مراتب حسب دياناتهم. وعلى أساس هذه المراتب تُمنح الحقوق وتُوزع الخدمات. أعلى هذه المراتب لا تتيسر إلا لأتباع ديانة واحدة،  المنتمي إليها مواطن مرحب به وإن لم يكن وطئ البلد من قبل. وغير المنتمي لتلك الديانة ممنوع حتى من زيارة البلد، تحديداً لأنه ولد فيها أو ولد فيها أبوه أو جده. ويبقى الشعب الفلسطيني هناك، بالرغم من هذا كله، يقاوم العنصرية بالكلمة حيناً، وبالشارع أحياناً، وبالصمود دائماً.

يجابه الشعب الفلسطيني بإرادة الحياة نظاماً مدججاً بالسلاح المتدفق من الخارج، ومحصناً بدعم من عواصم ومؤسسات تغض النظر عن جرائمه وافتراءاته. ويبدو للناظر أن قضية فلسطين هي قضية معقدة في أحسن الأحوال وخاسرة في أسوأها.

لكن القضية واضحة والحل جلي. فرض تطبيق القانون الدولي وعدم استثناء النظام الإسرائيلي من المحاسبة في إطاره. وفي التاريخ شواهد لا تُحصى على أن الاستثناء لا يدوم، فإما أن يزول  أو تكثر الاستثناءات فيزول النظام. لا عجب إذاً أن كل الوثائق التي توافقت عليها دول العالم أجمع، وآخرها أهداف التنمية المستدامة، تضع التزام الجميع بالقانون الدولي شرطاً وهدفاً للوصول إلى عالم أفضل.

السيدات والسادة،

الزميلات والزملاء،

في زمن الارتباك العربي الكبير، الممتد من ليبيا إلى اليمن، تشخص أنظار الملايين من العرب إلى السماء، في ترقب وانتظار.  تطالعنا من فلسطين ابتسامة طفل يسأل عن أسرته، وروح طفلة قضت من غير أن يتسنى لها السؤال. تطالعُنا صورة امرأة مسنة تسقط إعداماً برصاص جنود الاحتلال.  شباب فلسطين ينتفضون غضباً وألماً، ينتفضون من أجل الحرية والكرامة والحق. وفي فلسطين شعب، ككل الشعوب، لا ييأس، ولا يتخلى عن حق. له نقف بإجلال، ومعه نستعيد الأمل.

وشكراً.

Speeches by: