08
February
2007
تشكل السياسة الاجتماعية المتكاملة الدعامة الرئيسية لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية في كل مجتمع ودولة في حال تمت صياغتها على أساس عقد اجتماعي تحدد فيه حقوق وواجبات كل طرف. فتقوم الدولة من ناحية بتأمين حقوق الإنسان وضمان تكافؤ الفرص بين الناس وتوفير الخدمات الأساسية لجميع المواطنين على قدم المساواة، وفي المقابل يشارك المواطنون فعلياً بتقديم الدعم السياسي والشرعية لهذه السياسة التي تعنيهم بالدرجة الأولى.
والهدف الأساسي للسياسة الاجتماعية هو كبح الفقر والإقصاء الاجتماعي وخفض التوترات الاجتماعية وتحسين أوضاع المواطنين بمعزل عن خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وخصائصهم الديمغرافية والجغرافية والعرقية. وتوجِّه هذه السياسة الحكومات في صياغة برامج كشبكات الأمان الاجتماعي وسياسات التعليم والخدمات الصحية والعمالة. ومن المسائل التي تبحثها السياسة الاجتماعية التوزيع العادل للفوائد والأضرار المرتبطة بالنمو الاقتصادي الكلي بالإضافة إلى القضايا الاجتماعية الهامة كالتغيير في مدى انتشار الفقر، والتفاوت الشديد في توزيع الدخل، واستمرار ارتفاع معدلات البطالة والعمالة الناقصة، وارتفاع كلفة المعيشة قياساً بالدخل بالنسبة إلى غالبية السكان، وتدهور الأحوال المعيشية.
وقد أظهرت التجارب أن السياسة الاقتصادية التي يتم صياغتها بمعزل عن السياسة الاجتماعية لا يمكنها توفير الرفاهية لجميع أفراد المجتمع، إذ يوجد نسبة كبيرة من الفقر والإقصاء الاجتماعي والتفاوت في توزيع الدخل وارتفاع معدلات البطالة في دول تتوافر لديها إمكانيات اقتصادية كبيرة من دون توفير المستلزمات الأساسية لتحقيق الرفاهية للمواطنين. كذلك، يوجد دولاً لديها إمكانيات اقتصادية متواضعة قد وفرت الرفاه للجميع عبر تضمين المفهوم الاجتماعي في سياساتها التنموية الكلية.
وضع السياسة الاجتماعية في دول "اسكوا"
غالباً ما تتسم السياسة الاجتماعية في دول "إسكوا" بعدم وضوح الرؤيا. فالعديد من البرامج الاجتماعية قد تم صياغتها بشكل ثانوي لدعم السياسة السائدة ويتم تنفيذها بمعزل عن بعضها البعض مما أدى إلى عجز هذه الدول عن تلبية حاجات مجتمعاتها. وقد نجم عن هذا الواقع هدر للموارد البشرية والمالية وتفاقم أزمتي الفقر والبطالة إضافة إلى عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية مما أخذ يؤثر على نسيج المجتمعات العربية. وقد يؤدي هذا الأمر إلى حالة من عدم الاستقرار والإقصاء الاجتماعي.
دور "إسكوا" في تعزيز السياسة الاجتماعية
وفي هذا السياق، تقوم "إسكوا" بتوضيح أهمية وجود سياسة اجتماعية متكاملة ومترابطة مع باقي سياسات الدولة الاقتصادية والثقافية والسياسية. كما تقدم الدعم والمشورة الفنية للدول الأعضاء حول السياسة الاجتماعية والبرامج والأدوات وآليات التنسيق والمراقبة المطلوبة لتحقيق مستوى أفضل في مجال العدالة الاجتماعية وتحسين نوعية الحياة للناس في المنطقة العربية. هذا بالإضافة إلى تقديم الدعم وتطوير قدرات الأفراد والمؤسسات المعنية على المستويين الحكومي والأهلي.
وقد أطلقت "إسكوا" في العام 2002 مشروع السياسات الاجتماعية المتكاملة في البلدان العربية الذي يؤكد على أهمية ربط السياسة الاجتماعية بالتنمية الكلية وضرورة إدراج السياسات المتمحورة حول الإنسان وتأمين الحاجات الأساسية لعيش كريم في الإطار الاستراتيجي للتنمية في كل بلدان "إسكوا". وفي المراحل الأولى من المشروع، أصدرت "إسكوا" مجموعة من الإصدارات التي تهدف إلى تشجيع صانعي القرار في البلدان العربية لدراسة الخلل الذي أدى إلى عدم وجود رؤية واضحة لسياسة اجتماعية.
وتركز المرحلة الحالية من مشروع السياسات الاجتماعية المتكاملة على توفير فرص الحوار وحث الدول المعنية على اتخاذ منحى السياسة الاجتماعية وتسهيل هذا العمل من خلال عقد مؤتمرات وطنية وإقليمية. وترمي هذه المؤتمرات إلى تحديد الأولويات، ومناقشة الأطر المناسبة، وإشراك عدد أكبر من الفاعليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والخروج بتوصيات يصار إلى ترجمتها ببيانات وبرامج حسية، ووضع برامج التدريب اللازمة لتوفير الأطر والمهارات.
وقد عقدت "إسكوا" ووزارة التنمية الاجتماعية البحرينية في هذا الإطار المؤتمر الوطني للسياسة الاجتماعية في مملكة البحرين في نيسان/أبريل 2006. وقد تناول المؤتمر عدة مواضيع هامة تندرج في إطار السياسة الاجتماعية مثل التشريعات الاجتماعية ومدى انسجامها مع الاتفاقيات الدولية، وأثر التنمية الاقتصادية على البعد الاجتماعي، وشبكات الأمان الاجتماعي، ودور المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في المملكة.
مؤتمر القاهرة
وفي الإطار نفسه، تنظم "إسكوا" ووزارة التضامن الاجتماعي المصرية المؤتمر الوطني للسياسة الاجتماعية المتكاملة في جمهورية مصر العربية تحت رعاية السيدة سوزان مبارك وذلك في 7-8 شباط/فبراير 2007 في فندق بيراميزا، القاهرة. ويشارك في المؤتمر ممثلون عن مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية والجامعات ومراكز البحوث والتدريب ومؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات أخرى معنية بالشؤون الإنمائية بالإضافة إلى وخبراء وإعلاميين.
.
ويهدف المؤتمر إلى عرض نماذج لصياغة سياسة اجتماعية متكاملة بناء على عدد من التجارب الناجحة والتي أعطت ثمارها في عدد من البلدان ذات الظروف التنموية المختلفة؛ وتوصيف الحالة المصرية وتحديد المسهلات والمعوقات التي يجدر التوقف عندها وتحديد مسارات ضبطها وتنظيمها بحيث تخدم أهداف ضمان تكافؤ الفرص بين الناس وكفالة توفير الخدمات الاجتماعية الأساسية لجميع المواطنين على قدم المساواة؛ ومقارنة التجارب الناجحة في كل من كندا وماليزيا وتونس والنرويج وكوريا مع الحالة المصرية لتحديد العوامل المساعدة لصياغة سياسة اجتماعية متكاملة مما يؤدي إلى تحديد السياسة والبرامج الاجتماعية كشبكات الأمان الاجتماعي وسياسات التعليم والخدمات الصحية والعمالة والتي سيتم اعتمادها لاحقاً من قبل الحكومة.
ويهدف المؤتمر إلى عرض نماذج لصياغة سياسة اجتماعية متكاملة بناء على عدد من التجارب الناجحة والتي أعطت ثمارها في عدد من البلدان ذات الظروف التنموية المختلفة؛ وتوصيف الحالة المصرية وتحديد المسهلات والمعوقات التي يجدر التوقف عندها وتحديد مسارات ضبطها وتنظيمها بحيث تخدم أهداف ضمان تكافؤ الفرص بين الناس وكفالة توفير الخدمات الاجتماعية الأساسية لجميع المواطنين على قدم المساواة؛ ومقارنة التجارب الناجحة في كل من كندا وماليزيا وتونس والنرويج وكوريا مع الحالة المصرية لتحديد العوامل المساعدة لصياغة سياسة اجتماعية متكاملة مما يؤدي إلى تحديد السياسة والبرامج الاجتماعية كشبكات الأمان الاجتماعي وسياسات التعليم والخدمات الصحية والعمالة والتي سيتم اعتمادها لاحقاً من قبل الحكومة.
ويوفر المؤتمر الفرصة للمشاركين لبلورة تصور عام حول السياسة الاجتماعية المتكاملة التي تتوافق مع الواقع المصري وتنسجم مع إمكانيات وتطلعات المجتمع المصري بحيث يمكن تحديد الأولويات والتوجهات العامة لترسيم ادوار محددة لمختلف الشركاء والفرقاء في الشأن العام بما فيه المجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالتنمية.
مواضيع للنقاش ومجموعتا عمل
وعلى مدى أيام المؤتمر، يناقش المشاركون عناصر النجاح في التجارب العالمية في مجال إدماج السياسة الاجتماعية بالتنمية الشاملة؛ وخلاصة التجارب في الواقع العربي؛ وواقع السياسة الاجتماعية في التنمية الشاملة في مصر؛ وصنع ورسم سياسة اجتماعية في مصر في ضوء التجارب العالمية. كما يتضمن المؤتمر عقد مجموعتي عمل تقوم الأولى بتحديد الايجابيات والسلبيات في السياسة الاجتماعية المطبقة حالياً في مصر بالتركيز على آلية صنع ورسم وتنفيذ هذه السياسة، وعملية تقييم السياسة الاجتماعية، وعملية التنسيق بين المؤسسات والوزارات المعنية للخروج بالمقترحات والتوصيات. أما المجموعة الثانية فتقوم بمناقشة واقع الخدمات ومدى العدالة في توزيعها ومناقشة القضايا المرتبطة بالاندماج والتهميش الاجتماعي والسبل الكفيلة لجعل السياسة الاجتماعية المصرية أكثر استجابة لتلبية مصالح كافة الفئات الاجتماعية. وفي ختام المؤتمر، يتم توقيع برتوكول تعاون بين "اسكوا" ووزارة التضامن الاجتماعي في مجال السياسة الاجتماعية المتكاملة.