احتفلت الإسكوا باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والذي نظمته بالتعاون مع المفوضية العليا لحقوق الإنسان في بيت الأمم المتحدة، بيروت.
وقد حضر الاحتفال الرسمي حشد من المسؤولين والدبلوماسيين العرب والأجانب، فضلا عن ممثلي الهيئات الأهلية اللبنانية والفلسطينية. وشهد الاحتفال كلمات لكل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون، ألقاها المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان مايكل ويليامز، والأمينة التنفيذية للإسكوا ريما خلف، ووزير التخطيط والتنمية الإدارية في فلسطين علي جرباوي والسفير محمد الحجار، مديرية المنظمات الدولية والمؤتمرات والعلاقات الثقافية في وزارة الخارجية اللبنانية.
بان
وقال بان في كلمته إن عام 2011 يشهد موعدين بالغي الأهمية. "أولا، فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد تعهدا بالسعي من أجل التوصل إلى اتفاق إطاري بشأن الوضع الدائم بحلول أيلول/سبتمبر. وثانيا، فإن السلطة الفلسطينية تمضي على الطريق الصحيح لكي تُتم بحلول آب/أغسطس خطتها التي تمتد لسنتين استعدادا لإقامة الدولة". وأضاف بان أنّ المجموعة الرباعية قد أشارت في اجتماعها الذي عقد في شهر أيلول/سبتمبر 2010، إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق في الإطار الزمني الذي حدده الزعيمان، وإلى أن السلطة الفلسطينية قادرة على إقامة الدولة في أي وقت في المستقبل القريب، إذا حافظت على أدائها الراهن في بناء المؤسسات وتوفير الخدمات العامة.
ثم ذكر أنّ "هناك توافق في آراء الأغلبية الساحقة على الصعيد الدولي على ضرورة إنهاء الاحتلال الذي بدأ في عام 1967، ومعالجة الشواغل الأمنية الأساسية لكلا الطرفين، وإيجاد حل لقضية اللاجئين، وإفضاء المفاوضات إلى جعل القدس عاصمة للدولتين. وأطالب الزعيمين بأن يبديا الحنكة والشجاعة السياسيتين في التوصل إلى سلام تاريخي. وعلى المجتمع الدولي، من جانبه، أن يكون على استعداد لتحمل مسؤولياته عن إحلال السلام". ودعا بان أخيرا أن تكون السنة المقبلة "هي السنة التي نحقق فيها أخيرا سلاما عادلا ودائما في الشرق الأوسط استنادا إلى قرارات مجلس الأمن 242 و 338 و 1397 و 1515 و 1850، وإلى الاتفاقات السابقة وإطار عمل مدريد وخريطة الطريق ومبادرة السلام العربية. وسأبذل كل ما في وسعي لدعم هذه الجهود".
خلف
استهلّت خلف كلمتها بتعريف اليوم الدولي، فقالت إنّه "في عام 1977 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبار التاسع والعشرين من نوفمبر من كل عام يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني. (...) ومنذ ذلك التاريخ، وفي مثل هذا اليوم من كل عام، يجدد المجتمع الدولي التزامه بدعم الشعب الفلسطيني ومساندته له في استرجاع حقوقه. كما يستنكر الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، ويطالب بتنفيذ القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن في هذا الشأن. وقد زاد عدد هذه القرارات على 300 قرار جلها يدعو إسرائيل إلى احترام المواثيق والأعراف الدولية، ويؤكد على عدم شرعية المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة، ويطالب إسرائيل بالانسحاب من جميع الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967".
وأضافت أنّ استهتار إسرائيل بالقانون الدولي بدأ "في اليوم الأول لتأسيسها حين تجاوزت حدود الدولة التي منحها إياها قرار الجمعية العامة رقم 181 لعام 1947 وقامت بالاستحواذ بالقوة على أكثر من نصف المساحة التي خصصها ذلك القرار للدولة العربية. وفي انتهاك آخر لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، قامت إسرائيل في عام 1967 باحتلال سائر الأراضي الفلسطينية مخضعة شعباً بأكمله لاحتلال بغيض يتنافى استمراره ليس مع القوانين والأنظمة الدولية فحسب، بل أيضاً مع أبسط القواعد والمثل الأخلاقية التي توافقت عليها الإنسانية".
وقالت الأمينة التنفيذية إنّ الإسكوا تعدّ كل عام تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول انعكاسات الاحتلال الإسرائيلي وممارساته على الحياة اليومية للشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة والجولان. ورغم أن التقرير لا يملك أن يلزم إسرائيل بتغيير ممارساتها إلا أنه يوثق الانتهاكات المتعاظمة لحقوق الفلسطينيين الإنسانية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتدهور المستمر في مستوى معيشتهم. ولا تكتفي المنظمة، بحسب خلف، بمراقبة الأوضاع وإعداد التقرير السنوي. فالتضامن مع الشعب الفلسطيني بما هو محاولة لإعمال حقوق الإنسان، يتصل بجميع مجالات عمل المنظمة سواء أكان ذلك في فضاء التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أو في قضايا السياسة العامة والتخطيط الاقتصادي.
وختمت خلف كلمتها بقولها "إلا أن هذه الجهود حتى وإن تعاظمت، لا تُغني عن السعي لإيجاد حل عادل ودائم. والحل ليس بمستحيل إذا ما التزمت جميع الأطراف بتطبيق القرارات والمواثيق الدولية. فما من احتلال يستمر إلى ما لا نهاية. والشعب الفلسطيني لا ينشد سوى ما أجمعت القوانين والأنظمة الدولية على صيانته لكل شعب من شعوب هذا العالم".
جرباوي
أمّا الوزير جرباوي، فاعتبر أنّه "على امتداد القرن العشرين، ومنذ أواخر القرن التاسع عشر، جابه الفلسطينيون مشروعاً لا يستهدف فقط إخضاعهم، أو نهب خيراتهم، ولا استثمارهم كقوة عملٍ رخيصة، أو حتى حلّ مشكلة الفائض الديمغرافي في بلدان غربية على حسابهم، على غرار ما عاشته شعوب مختلفة تعرضت للاحتلال في أزمنة التوسع الكولونيالي الغربي. ما جابهه الفلسطينيون، في الواقع، كان مختلفاً وفردياً من نوعه. أريد لهم أن يكفوا عن الوجود كشعب، وأريد لبلادهم أن تختفي من الخارطة، أي حُكم عليهم بالطرد من الجغرافيا والنفي من التاريخ".
وأضاف أنه "في الوقت الحاضر، تعترف الغالبية العظمى من دول العالم بحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، منها أكثر من مائة دولة تعترف بالدولة الفلسطينية التي أعلنت عام 1988. وتشدد الأمم المتحدة، بصفة دورية مستمرة، على الحقوق الثابتة وغير القابلة للتصرّف للشعب الفلسطيني، وتخصص يوماً للتضامن معه. كما ويبدي المجتمع الدولي تفهماً مطرداً لحقيقة المجابهة التي يخوضها الفلسطينيون لتثبيت أقدامهم في الجغرافيا، وتأكيد حضورهم في التاريخ".
وتطرق الوزير للوضع الداخلي فقال " من على هذا المنبر، ينبغي التأكيد على حقيقة ان الانقسام مؤقت طالما لا يحظى، ولن يحظى، بتأييد الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين، وطالما استمرت الجهود الفلسطينية والعربية الساعية إلى جسر الهوة، وإنهاء الانقسام، وتصفية تداعياته السليبة، لتتوحد كافة الاجتهادات في سياق مشروع واحد وموحد لدحر الاحتلال، وتحويل الدولة الفلسطينية إلى حقيقة قائمة على الأرض، على حدود عام 1967، على الضفة وقطاع غزة، وعاصتمها القدس الشرقية".
حجار
وفي كلمته، قال حجار إنّ لبنان الملتزم بالقضايا العربية المحقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية. بالإضافة إلى التزامه بعملية السلام العادل والشامل في المنطقة. وأضاف "لا شك أن التوصل للسلام المنشود يستلزم إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والالتزام بالمرجعيات الدولية كما تضمنتها مبادرة السلام العربية، وتأكيد حق العودة للاجئين الفلسطينيين ورفض توطينهم".
كما قال حجار إن لبنان "يدعو المجتمع الدولي لتحمل كامل مسؤولياته في تأمين الموارد المالية اللازمة لوكالة الأونروا، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وذلك بانتظار إيجاد الحل النهائي العادل لقضيتهم وفقا لقرارات الشرعية الدولية".
الندوة
وعقب الاحتفال أدارت رئيسة اللجنة النيابية للتربية والتعليم العالي والثقافة النائب بهية الحريري ندوة حملت عنوان "في سبيل الحقوق الفلسطينية"، وتناولت مختلف الجهود والأدوار في مجال نيل الحقوق الفلسطينية.
وأملت الحريري أن توضع كل الجهود والمواقف "في إطار آليات منتظمة لمتابعة كل العناوين التي نؤمن بها والتي عمل من أجلها الذين سبقونا وقدموا التضحيات العظام من اجلها. وهذا أضعف الإيمان".
ودعت إلى وضع كل تلك التضحيات أمام ذاكرة الأجيال القادمة ليتعلموا كيف تبقى الحقوق حية إذا كانت الشعوب مؤمنة بحقوقها وقضاياها.
وشارك في الندوة كل من الوزير جرباوي الذي تطرق إلى حملة المقاطعة التي تقودها السلطة الفلسطينية في الأرض الفلسطينية المحتلة؛ والممثل الإقليمي لمكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط فاتح عزام، الذي تكلم عن النشاط القانوني: الجانب القانوني والحقوقي في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية. كما تكلم في الندوة مدير مركز الدراسات الفلسطينية محمود سويد الذي تطرق إلى دور مراكز الدراسات والبحوث في نيل الحقوق الفلسطينية. وكانت مداخلة أيضا لمدير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى في لبنان سلفاتوري لومباردو، والذي حملت كلمته عنوان " في انتظار حق العودة: احتياجات وحقوق اللاجئين الفلسطينيين"؛ وللمدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية زياد عبد الصمد، الذي تحدث عن دور المجتمع المدني في أنشطة التوعية، وحملات المقاطعة وحركات التضامن.
أُقيم على هامش الأنشطة في بيت الأمم المتحدة معرض حرف وأشغال يدوية ومطرزات فلسطينية.