Skip to main content

رئيس الوزراء اللبناني يرعى يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني في "اسكوا"

29
November
2006
بيروت

على وقع التصفيق الحاد، دخل صباح اليوم رئيس مجلس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة إلى قاعة المؤتمرات الكبرى في بيت الأمم المتحدة، ساحة رياض الصلح، راعياً لليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 تشرين الثاني/نوفمبر) الذي دعت إليه "اسكوا". وقد شارك في اللقاء حشد من الوجوه السياسية والدبلوماسية والإعلامية ورؤساء بعثات الأمم المتحدة في لبنان وموظفي المنظمة الدولية الذين استمعوا إلى كلمات لكل من الرئيس السنيورة والسيدة مرفت تلاوي، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي لـ"اسكوا" والسيد عباس ذكي، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية لدى لبنان، والسيد بيتر هنسن، المفوض الأعلى السابق لوكالة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى. كما استمع المشاركون أيضاً إلى أشعار لمحمود درويش ألقتها السيدة سهير عزوني، رئيسة مركز المرأة في "اسكوا"، التي قدمت الاحتفال.

وقد وزعت خلال اللقاء رسالتان لكل من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، والسيد محمود عباس، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.

تلاوي
في كلتمها، قالت السيدة مرفت تلاوي: "تشير البيانات والإحصاءات السنوية التي تعكس واقع الشعب الفلسطيني إلى مزيد من التدهور إذا ما قورنت بالعام الذي مضى. وقد شهد عام 2006 تدهوراً غير مسبوق في الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطيني بعد توقف المساعدات المالية إلى السلطة الفلسطينية، مسبباً أزمات اجتماعية واقتصادية عميقة، ما أدى بالبنك الدولي إلى وصف عام 2006 بأنه "أسوأ عام في تاريخ الاقتصاد الفلسطيني". وقد كان لذلك انعكاساته الإنسانية المباشرة على الشعب الفلسطيني، حيث يعيش 67% من أفراد الشعب الفلسطيني تحت مستوى خط الفقر.

وكانما الفقر والجوع ليس كافياً، فقد تفاقمت معاناة الشعب الفلسطيني جراء استمرار أعمال القتل والتدمير للممتلكات العامة والخاصة خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية بعد توقف المساعي الجادة للتوصل إلى تسوية سياسية عادلة ودائمة للصراع".

انان
ثم تلت تلاوي كلمة الأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفي انان التي جاء فيها: "لا شك في أنه لا بد من وضع حد للعنف. فالعمليات العسكرية في قطاع غزة توقع أعداداً متزايدة من الإصابات بين المدنيين وتؤدي إلى تدمير الممتلكات والبنى التحتية. وقد دعوت إسرائيل مراراً إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والامتناع عن المزيد من التصعيد في ظل الوضع المأساوي القائم. وأكدت أيضاً، وأؤكد مجدداً، على أن حماية المدنيين الفلسطينيين هي مسؤولية تقع على عاتق إسرائيل بموجب القانون الدولي.

والإسرائيليون أيضاً يعيشون في حالة من انعدام الأمن. ومن حقهم أن يطالبوا السلطة الفلسطينية باتخاذ إجراءات فعلية لمنع وقوع هجمات ضدهم وضد أراضيهم. فمن غير المقبول أن تستمر الاعتداءات بالصواريخ على المدنيين الإسرائيليين وينبغي وقفها فوراً.

والسلطة الفلسطينية تواجه أزمة سياسية ومالية أوهنت قدراتها. فالمؤسسات والمستشفيات والمدارس الفلسطينية تعاني من أوضاع متردية للغاية تؤدي إلى تفاقم المعاناة الحادة التي يعيش فيها الشعب الفلسطيني. والأوضاع الإنسانية المتدهورة في الضفة الغربية وغزة تستدعي اهتماماً عاجلاً. ولذلك أرجو أن يستمر المانحون في تقديم التبرعات اللازمة.

ولا مبرر لاستمرار المأزق الحالي وسفك الدماء ما دمنا ندرك أن غالبية الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي ترغب في التوصل إلى حل عن طريق المفاوضات يفضي إلى قيام دولتين - أي إلى حل ينهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967، ويؤدي إلى إنشاء دولة فلسطين المستقلة، ويضمن أمن إسرائيل. وإنني على ثقة بأن قيادة كل من الجانبين - الرئيس عباس ورئيس الوزراء أولمرت - ملتزمة التزاماً صادقاً بإنقاذ الشعبين من عقود طالت من المعاناة وعدم الاستقرار.

ويتحملُ الطرفان المسؤولية الأساسية في التوصل إلى مخرج من المحنة عن طريق الالتزام بعملية سياسية فعلية تؤدي إلى تحقيق السلام الذي يتطلعُ إليه الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي. ولا يمكن لأحد أن يحقق السلام بالنيابة عن الشعبين، أو أن يفرضَه عليهما، أو أن يكون أكثر منهما رغبةً في هذا السلام. غير أن المجتمع الدولي كان له دورٌ هام في هذا الصراع منذ بدايته، ولا يمكنه أن يتخلى عن مسؤولياته في التوصل إلى حل".

السنيورة
ثم القى الرئيس فؤاد السنيورة كلمة جاء فيها: "إن المشهد السائد في المنطقة، في فلسطين، ومن حول فلسطين، يبعثُ على الكثير من التشاؤم والهمّ. فخلال الشهور الثمانية الماضية، وعلى أثر خطف جندي إسرائيلي في غزة، وجنديين على حدود لبنان، انطلقت الآلة الحربية الإسرائيلية فقتلت ما يناهز الألفين في غزة ولبنان، نصفهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وهجرت مئات الآلاف، ودمرّت عشرات ألوف المنازل، والبني الأساسية، وتهددت البنية الاقتصادية بالتصدع، فضلاً عن التسبّب في ضرب الأمل بالحاضر والمستقبل، وتضخم المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتعقّد الحلول.

على مدى العقود الماضية شنّت إسرائيل عشرات الحروب الكبيرة والصغيرة على الشعب الفلسطيني، وعلى الشعوب العربية الأخرى، وما استطاعت أن تخضع أحداً او تكسر إرادته، ولا استطاعت تحقيق الأمن لا لمواطنيها ولا لمستوطناتها. وإذا كان ذلك عسير الإدراك على جهة العدوان هذه، فلا ينبغي أن يكون ذلك بعيداً عن فهم المجتمع الدولي وإرادته في تحقيق الأمن والسلام والعدالة من طريق الحرية لشعب فلسطين وإزالة الاحتلال في فلسطين ولبنان والجولان. لقد ضاقت فرص الحلول أصلاً عندما جرى التخلّي عن المقاربة الشاملة للقضية الفلسطينية وتداعياتها، ثم ما لبث الحل الجزئي أن توقف في فلسطين بعد أن توقف خارجها، وها هي تكتيكات الحروب المتنقلة والاستنزافية للعرب والتي سادت خلال السنوات الماضية، تجتاح ساحات اخرى، وتزيد من تعقيد المشكلات المزمنة والمتفاقمة".

وأضاف: "إن الغليان في الوطن العربي ليس سببه رفض التسوية. بل سببه فشل التسوية بسبب التعنّت الإسرائيلي، وبالانحياز لسياسات الاستعمار والاستيطان من جهات دولية كبيرة وفاعلة. لذلك لا بد، صونا للانسان والعمران والاستقرار، واسقاطا للمعاناة عن الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية الأخرى، واحقاقا للحق والعدالة والسلام، من العودة للحل الشامل، ومن خلال المؤتمر الدولي الذي تحضره كل الأطراف، ويعمل على تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة. وهذا يعني العودة الى المبادرة العربية للسلام التي قدمتها المملكة العربية السعودية في قمة بيروت في العام 2002.

ذكي
في كلمته، قال السيد عباس ذكي: "إن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي اليومية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن السياسة العدوانية للاحتلال ما زالت رغم الانسحاب الأحادي الجانب من غزة تحاول فرض سياسة الإخضاع وفرض خطة من طرف واحد من خلال ما يسمى بحل الدولة ذات الحدود المؤقتة يحذف ويتجاهل من جدول أعماله جميع مفاوضات الحل النهائي كالقدس واللاجئين والمستوطنات والحدود، وهذه ملفات يعتبرها الشعب الفلسطيني ثوابت وطنية لا يستقيم السلام العادل والشامل بدون حلها وبشكل نهائي على أساس قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام".

هنسن
الكلمة الأخيرة، كانت للسيد بيتر هنسن الذي قال: "انه لا عجب إذا رأينا أن الدخل العام في الأرض الفلسطينية المحتلة سوف يتراجع أكثر مما تراجع في العام 2001-2002 إذ أن الأزمة ازدادت حدة بينما انسحب المانحون. إننا نواجه وضعاً بالغ الصعوبة أكثر من أي وقت مضى ولا استطيع أن أتوقع ما يمكن أن يحصل قبل أن تتحسن الأوضاع". وقال: "بالإضافة إلى النقص الحاد في المواد الغذائية والخدمات، لنفكر بالآثار النفسية لما يجري في فلسطين والظروف التي يمر بها الناس. عندما كنا نأخذ الوفود المانحة الى مراكز معالجة الأطفال من الصدمات، لا أستطيع وصف كيف كان الأطفال يسردون الطريقة التي قتلت فيها عائلاتهم والظروف التي مروا بها وبالأخص الفتيات. وفي النهاية، هلى نتفاجأ اذا أدى ذلك الى الحقد والتطرف؟"

حمد بن عيسى آل خليفة
في رسالته، قال الملك حمد بن عيسى آل خليفة: "إن مملكة البحرين التي لم تدخر وسعاً في جهودها الإنسانية والمادية لدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني خاصة في ظل الأيام العصيبة التي يعيش فيها وهي إذ تسهم من خلال أنشطة الأمم المتحدة، ومن خلال قنوات الدعم الدولي، لتتطلع أن ترتفع الأمم المتحدة سواء مجلس الأمن أم الجمعية العامة بل كل فروع المنظومة الدولية إلى مستوى مسؤولياتها وأهدافها ومقاصدها وإلى مستوى مبادئها السامية الداعية لتحرير الشعوب وإعلاء حقوق الإنسان من اجل نصرة الشعب الفلسطيني وتمكينه من الانطلاق نحو مستقبل أفضل وقد تحرر من نير الاحتلال وكسر طوق الحصار، ومضى على طريق الاستقلال والسلام، وآن للأمم المتحدة ان تفتح فصلاً جديداً وتلبي التطلعات الفلسطينية المشروعة وتنعش الأمل وتحترم الحق في الحياة والحق في الأمن والاستقلال والسيادة".

محمود عباس
أما السيد محمود عباس فقال في رسالته: "لقد تعرض الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى كل ما كان يعانيه سابقاً إلى حصار مالي واقتصادي، أدى إلى تفاقم ظاهرة الفقر إلى مستويات غير مسبوقة، وترافق ذلك مع اعتداءات يومية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي تتمثل في عمليات القتل وتدمير المنازل وتجريف الأراضي الزراعية، وأود تذكير حضراتكم بأن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا منذ شهر ايلول/سبتمبر عام 2000 قد تجاوز الـ4300 مواطن ومواطنة ثلثهم تقريباً من الأطفال، وشهد هذا العام ارتفاعاً كبيراً في عدد القتلى. فمنذ شهر حزيران/يونيو وحتى الآن قتل أكثر من 510 مواطناً ومواطنة، وحدثت مجزرة بيت حانون يوم الأربعاء الموافق الثامن من هذا الشهر حيث قتل ستة عشر شخصاً من عائلة واحدة بينهم أطفال أصغرهم رضيع لم يتجاوز الستة أشهر".

وأضاف: "إن العدل والمنطق يقضيان أن يقوم كل طرف ببذل كل جهد ممكن لتنفيذ استحقاقاته والتزاماته، فمن جانبنا بذلنا ونبذل أقصى الجهود من أجل إيقاف كل أشكال العنف ضد إسرائيل، وتوصلنا إلى هدنة من طرف واحد، ونطالب إسرائيل، التي لم تلتزم بها، بالمقابل أن توقف كل أعمالها العسكرية العدوانية وصولاً إلى وقف شامل ومتبادل لإطلاق النار لكي نخلق الأجواء ونوفر الأرضية اللازمة لاستئناف المفاوضات والتوصل لحل عادل على أساس الاتفاقات الموقعة وحل الدولتين وخطة خارطة الطريق المقرّة دولياً بالقرار 1515، وهذا كما تعلمون جميعاً، يحتاج إلى جهود صادقة ونوايا حسنة ومخلصة، وإلى إرادة قوية من قبل المجتمع الدولي، فقد آن الآوان لعقد مؤتمر دولي لحل الصراع العربي الإسرائيلي على كافة المسارات، وأن تلعب أطراف المجموعة الرباعية دور الوسيط والحكم النزيه والضامن للاتفاقيات المستندة إلى قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام، وتضع الآليات المناسبة لذلك".