وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي
للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)
في الاحتفال
باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف
"أرضنا، بيتنا، مستقبلنا"
معالي وزير الزراعة في الجمهورية اللبنانية، الأستاذ غازي زعيتر،
معالي السيدة نايلة معوض، رئيسة مؤسسة رينيه معوض،
أصحاب السعادة سفراء الدول العربية وممثلي السلك الدبلوماسي في لبنان،
السيدات والسادة،
الحضور الكريم،
يسرني أن أرحب بكم جميعا في بيت الأمم المتحدة في بيروت. وهذا هو لقائي الأول معكم منذ تولي مهمتي الجديدة، كأمين تنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا. وآمل أن تتعدد فرص التعاون بيننا في الفترة المقبلة، لما فيه صالح منطقتنا ودولنا. اسمحوا لي أولًا أن أتوجه بالتقدير والشكر لمعالي وزير الزراعة في لبنان، الأستاذ غازي زعيتر، على تفضله برعاية الاحتفال وحضوره شخصي اً، وإليكم جميعا على حضوركم ومشاركتكم.
في هذا اليوم، أي اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، فرصة يمكن استثمارها في التوعية بحجم الأضرار التي تصيب العالم والمنطقة العربية، جراء الجفاف وتدهور الأراضي والتصحر. فنحن في منطقة يغلب عليها الجفاف، إذ تص نّف نسبة كبيرة من إجمالي أراضيها كأراض قاحلة أو شبه جافة. والتصحر ظاهرة يطول أمدها، ويزيد من حدتها نشاط البشر، وتتعدّد أبعادها وآثارها على النسيج الاجتماعي للشعوب ومستوى معيشتها. فمن الضروري معالجة أسباب هذه الظاهرة من الجذور لبناء منعة السكان والمجتمعات في المناطق الريفية والنائية.
الحضور الكريم،
عندما نتكلم عن الأسباب لا يسعنا إلا أن نتوقف عند محنة لجوء ونزوح داخلي أصابت أكثر من عشرة ملايين شخص في منطقتنا، وتفاقمت في الأعوام القليلة الماضية. وهذه المحنة تتأثر بالمشاكل البيئية وتؤثر عليها. وقد عمّقت حالة عدم التوازن في التوزيع السكاني وزعزعت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في العديد من البلدان. "أرضُنا، بيتُنا، مُستقبلنا". هذا هو شعار اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف لهذا العام. شعار أرادت به الأمم المتحدة تذكير اً للعالم بأسس ثلاثة لمعيشة الشعوب، الأرض موطن الجذور، والبيت موئل الأمان، والمستقبل الذي يشاد على صلابة الجذور ورسوخ الأمان. على الأرض ينمو الاقتصاد ويتماسك المجتمع لبناء المستقبل وتتحقق التنمية المستدامة. وأي جهود لتحقيق التنمية المستدامة لن تثمر طويلاً ما لم تنبت في أرض خصبة وتنعم ببيئة سليمة. وفي معالجة أسباب الجفاف والتصحر، وغيرها من الظواهر التي تهدد صلابة الأرض وأمان البيت، مصدر لكل حل يعيد التوازن للتوزيع السكاني، ويخلق فرص عمل للشباب في المناطق الريفية، ويكافح الفقر. وهذا اليوم مناسبة لتسليط الضوء على الجهود التي تبذل لمكافحة الجفاف والتصحر على الصعيد العالمي والإقليمي والوطني، وعلى الدور الفعال الذي يؤديه المجتمع المدني في مساندة الحكومات والمنظمات الدولية في مختلف مجالات التنمية المستدامة، ولا سيما في دعم استقرار المجتمعات الريفية وتحسين سبل معيشتها.
الحضور الكريم،
يستقطب موضوع مكافحة الجفاف والتصحر اهتماماً متزايداً ويحل في موقع مركزي في خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ وأهدافها السبعة عشر. سبعة من تلك الأهداف تتناول استدامة البيئة والموارد الطبيعية. ويُعنى الهدف ١٥ تحديداً بالحياة في البر ومكافحة التصحر، وتحقيق عالمٍ خالٍ من تدهور الأراضي. ويدعو هذا الهدف إلى التعامل مع الأسباب المؤدية إلى هذه الظواهر، كتغ يّر المناخ وشح الموارد الطبيعية، وإلى حشد الموارد من مختلف المصادر لتحقيق هذه الغايات ودمجها في الخطط الوطنية. وفي هذا الإطار، تدعم الإسكوا جهود الدول العربية، ومن ضمنها الجمهورية اللبنانية، في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بالتعاون مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية.
وهي تعمل لذلك على وضع الأبحاث والدراسات، وتقارير المتابعة؛ وإطلاق برامج بناء القدرات الوطنية في مجال تقييم آثار تغ يّر المناخ وتقلبات إمدادات المياه على الإنتاج الزراعي وعلى نمط الحياة اليومية؛ وتنفيذ المشاريع الهادفة إلى دعم الأمن الغذائي والمائي، من خلال دعم ممارسات الزراعة الجيدة وتطبيقها وتعميم التجارب الناجحة؛ وتشجيع أنشطة الاقتصاد الأخضر وتوسيع الاعتماد على التكنولوجيات الخضراء. وتندرج هذه الأنشطة في إطار متكامل يهدف إلى التصدي لآثار تغ يّر المناخ ومكافحة التصحر وحماية خصوبة الأرض واستدامة البيئة. ونحن مدركون لمخاطر التحديات البيئية والمناخية وأضرارها على شعوب المنطقة ومحيطها، خاصة إزاء المخاطر الأمنية التي تشكل تهديداً إضافياً للأرض والبيت والمستقبل. وبالتعاون مع شركائنا في هذا الحدث، وزارة الزراعة في لبنان، وأمانة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، ومعهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، نعلن إرادتنا وعزمنا على العمل المشترك، لتحقيق سلامة أرضنا وأمان بيتنا واستدامة مستقبلنا. أكرر شكري لمعالي الوزير الأستاذ غازي زعيتر، ولفريقه في وزارة الزراعة على تعاونهم مع فريق الإسكوا لإنجاح هذا اليوم، ولشركائنا في هذا الحدث الهام.
وأشكر أصحاب السعادة السفراء والوفود الحاضرة، من منظمات اجتماعية ومؤسسات أكاديمية وشخصيات فنية. وإنني أرى في حضورهم دليلا على عمق الاهتمام بهذه القضية. وأتمنى لكم النجاح والتوفيق في أعمالكم، وفي السعي إلى حلول نتشاركها، لمشاكل تواجهنا جميع اً. ختاماً أتوجه إليكم جميع اً، ونحن في منتصف شهر رمضان المبارك، بأصدق أمنيات الخير والسلام، وإلى دولنا بأمنيات التقدم والازدهار.
وشكر اَ.